الجمعة، 5 يوليو 2013

على سبيل الامتنان.



'على هذه الأرض ما يستحق الحياة.' – محمود درويش.




انتبهت في أيّام اختبارات الفصل الدراسي المنصرم حين كنت أُقلِّب كتبي ومذكراتي إلى أنني كتبت عبارة درويش السابقة أكثر من أي شيء آخر، وكأنني صرت –فجأةً- مشدودة إلى الحياة. وقتها كنت أفكّر جديًّا باختبار العبارة مع معطيات حياتي، ورحت أتساءل عن ما يُمكنني عدّه تحت هذا الصنف من الأشياء، بعيدًا عن أشياء درويش. دوّنت ما أجد أنه يستحق في بعض التغريدات في وقتٍ سابق، كتبت أحدها في دفترٍ فكّرت أن أخصّصه لأشياء تجعل الحياة أكثر جمالًا ولطفًا ثم تراجعت عنه، وأخيرًا عثرت على تطبيق للهاتف مريح وجاء كما شئت.

يشبه هذا كثيرًا مذكرات الامتنان التي يُنصح بها للتخفيف من الضغط ومن أجل التركيز على الجوانب الإيجابيّة لحياة أفضل. قرأت عدة مقالات حول مذكرات الامتنان وتأثيرها وخطوات متعلّقة، وافقتها في نقاط وخالفتها في أخرى. الذي اضطرني إلى التفكير في الأمر بجديّة، كون الفترة التي تزامنت مع الفكرة مليئة بالضغط وهشاشة المزاج، ولست إلا من يتعطّل كليًا تحت تأثير سوء المزاج. من الممكن توصيف وضعي حينها بالقول: 'لو قلت له ازحف وراك .. ضاق'. وخجلت كثيرًا من فرط المداراة التي كانت من عائلتي لتحسين حالي. وقتها توصّلت إلى التركيز على أشياء سعيدة، بسيطة وصغيرة لأبدد وحشة المزاج تدريجيًا. كان كثيرًا علي بعد هذا أن تمر أسابيع دون سوء المزاج، ما تحقق دون أن أطمح إليه. ما سأدوّنه ناسبني خلال شهرين ويزيد من التجربة.




·        تخصيص وسيلة مناسبة، ورقيّة أو إلكترونيّة.

في البدء حين قرّرت، فكرت بمذكرة صغيرة جلبتها لي صديقتي أريج، جميلة وفرايحيّة للغاية. تزيّن الورود الجهة الأماميّة من الغلاف ويتباهى طاووس على الجهة الخلفيّة. وبما أنني أتحدث عن الأشياء الجميلة التي تستحق الحياة، فأريج من أكثرها حبًا وقربًا. واجهتني مشكلة، أنني لا أحب خطي، يستفزّني أحيانًا حين يخرج عن ما أريده له، وتنحرف الأحرف أو تضيع ملامحها. كما أنني لا أحب أن أكتب في المذكرات والدفاتر التي أحب، أحتفظ بها بيضاء. كتبت في صفحة ثم امتنعت. بعدها كتبت في تويتر دون نيّة أو غرض بالاستمرار أو حتى العودة لها، قبل أن تمر فترة وأتعرّف إلى تطبيق Attitudes of Gratitude Journal  للهاتف.



ميزة التطبيق بساطته ولديه خاصية التذكير كل ساعة أو ست ساعات أو كل يوم لتكتب ما أنت ممتنّ له. بالإضافة إلى كونه مريح بالنسبة لي أكثر من المذكرة، وكونه في متناول اليد دائمًا، فهاتفي لصيق يدي. كما يتيح لك العودة لما كتبته سابقًا في قائمة واحدة. 


·        لا التزام.

مشكلتي دائمًا الالتزام بشكلٍ قسري ومزري، يسلبني هذا متعة صنع الأشياء. هذه المرة لم ألتزم بما رجّحه أصحاب المقالات حول كتابة 3-5 أشياء كل يوم. تركت الأمر لشعوري بالامتنان العفوي ومن ثم الكتابة. 


·        لا تفحّص لما كتبته.

لم أعد كثيرًا لقراءة ما كتبته، حتى لا أملّه وأفقد الدهشة والامتنان حياله. منذ أن شرعت في الكتابة لم أعد لما كتبته إلا مرة كنت فيها أشعر بالحاجة لتبديد ضغطٍ قعد على نفسي. لا أراجع ما كتبته كل ليلة ولا كل أسبوع، لم أجد حاجة لهذا. اكتفيت بالكتابة في الأيّام العاديّة.



لاحظت أنه منذ البدء بمذكرة الامتنان، انخفض معدل إمكانية تعرضي لضربات مزاجية تستمر لأيام، صرت أشعر بالرضى والامتنان تجاه الموجودات والأشخاص والعلاقات والقصائد والأغنيات ولأشياء عديدة لم أكن لأفكّر حيالها يومًا. لم تكن أمورًا خارقة تلك التي دوّنتها؛ جوارب مورَّدة جلبتها لي أمي، محادثة مع خالتي نورة، رسمة لهنوف على أوراقي، زلّات لسان تدّخرها شهد ضدّي، اسمي تخطّه أريج، صندوق رسائل تويتر فيه رسالة من ريم، ملاسنة مع صديقتي مرام، صندوق موسيقى من رنا، بالونة كتبت عليها أماني، عبارات أحببتها في محادثات جمعتني بأصدقاء، تخفيف قائمتي السوداء للأشياء، شرب عصير البرتقال، مهاتفة نهى، طلبيّة كتب تصل بعد تعثّر ...إلخ.

لستُ من المتفائلين بالتفاؤل الكبير المفرط ولا أحبهم ويستفزونني أيضًا. الحياة فيها سوء لا يُطاق، وفيها أشياء جميلة تجعلنا نواصل في غمرة السوء، الانتباه لها أكثر، زراعتها وسقايتها سيجعلنا نعبر بشكلٍ أخف. رغم كل الأشياء السيئة، الحياة بالنسبة لي تجربة مثيرة واسعة لا أريد أن تضيق. يوجد الكثير مما يستحق الحياة، وأجدرها 'خوف الطغاة من الأغنيات'، والطريق الطويل. 


لا أنسى، شكرًا للمدوِّنة هيفاء القحطاني، لم أكن لأخرج هذه التدوينة من المستندات إلى المدوّنة دون تدوينتها: كتاب التغيير، وأشياء أخرى.

الاثنين، 13 مايو 2013

حول الذاكرة.



كانت النيّة أن أكتب حول إحدى تجارب الطفولة التي باتت مقياسًا، أو ربّما نظامًا أسير عليه. كل ما أصنعه الآن وكل قرار أتخذّه، كل التدابير مبنيّة على ثلاثة أسس تعلمتها في طفولتي، ومهما تفرّعت الآن في التجارب، الأصل ثلاثة؛ حكاية دقّاق العجم، ومبدأ وجع ساعة ولا وجع كل ساعة، ومبدأ كل طراق بتعلومة. بضع دقائق من البحث حول أمر الذاكرة قادها إلى أن تكون حول وثائقي تناول ذاكرة الإنسان.


الصورة أعلاه من مشروع Dear Photograph على تمبلر والذي بدأ به عام 2011 الشاب تيلور جونز، حيث وجد صورة قديمة لأخيه في مطبخ البيت، والمطبخ لا يزال كما هو منذ التقاط الصورة. امسك الشاب بالصورة وصوّرها ضمن المكان الذي كانت قد التقطت فيه، أنشأ مدونة تمبلر ووضعها مع صور أخرى التقطها بنفس الوضعيّة فيه. طرح الفكرة ليشاركه الناس بصورهم، فشارك المئات بصورهم وتخطّت الزياراتُ المليون زيارة خلال ستة أسابيع. والآن طُبع من هذه الصور كتاب يحمل اسم المدوّنة. في وصف المدونة : 'التقط صورة لصورة، من الماضي، في الحاضر'. منذ أن رأيت صور المشروع وقبل أن أعرف به، خطر لي أن الأمر تضمين الماضي في الحاضر، وهذا غالبًا ما تفعله ذاكرتنا بالتجارب والخبرات والذكريات، عملية تضمين وربط لا تنتهي.


'ذكرياتك تشكّل هويّتك'
كانت هذه العبارة التي توقّفت عندها من ضمن مقدمة الوثائقي الجميل "كيف تعمل ذاكرتك؟" الذي قدّمته بي بي سي عبر برنامج Horizon  عام 2008 م. –قديم بعض الشيء لكن به معلومات وتجارب مثيرة-. بدأ الفيلم بتجربة تبيّن بداية عمل الذاكرة وتسجيل الذكريات. قام باحث بأخذ مجموعة من الأطفال ووضع أمامهم المرآة، الأطفال الذين لم يتعرّفوا على أنفسهم من خلال المرآة لم يتّضح عليهم أي استجابة، تملّصوا من أمام المرآة، عدا طفلين تعرّفا على نفسيهما في المرآة. الخطوة الثانية من التجربة وضعوا مادة ملوّنة على أنوف الأطفال ثم وضعوا أمامهم مرآة مجدّدًا، لم يبادر الأطفال بأي ردة فعل، لا تركيز في الشكل ولا تحسس أحدهم أنفه، عدا الطفلين الذين تعرّفا على نفسيهما في المرآة، صدرت منهم ردّات فعل من ضحك وتركيز في المرآة وتحسّس للأنف. في مرحلة لاحقة، أُدخل الأطفال إلى غرفة جديدة عليهم، لم يدخلوها من قبل، وفي أحد الأدراج وضعت دمية أسد وأُخبر الأطفال بمكانها. بعد أسبوعين جاؤوا بالأطفال إلى الغرفة وسألوهم أن يدّلوا على مكان الأسد، لم يفلح الأطفال عدا الطفلين الذين اجتازا تجربة التعرّف على النفس. وعليه، فالإنسان لا يبدأ بتكوين ذاكرة شخصيّة إلا بعد أن يتكوّن لديه الحس بالنفس.

  
تناول الوثائقي أيضًا الذاكرة من ناحيتين، حالة الفتاة جنيفييف المصابة بمرض "اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطراب الكرب التالي للرضخ" والشاب جون فوربس الذي وُلد خديجًا مع توأمه الذي مات بعد ثلاثة أيّام من الولادة، لم يتكون في دماغه الجزء الخاص بالذاكرة "الحصين - Hippocampus". وتوجد رواية أخرى تقول بأن جون تعرض لنقص الأكسجين عن الدماغ مما أتلف الحصين. أثناء تناول حالة جون، ظهر جون يتحدث، خطر لي سؤال –خطر لأختي أيضًا حين أخبرتها عن حالة جون- كيف يتحدّث جون؟ كيف لم ينسَ اللغة والكلمات ما دام الجزء الخاص بذاكرته معطوبًا؟ وهو الذي لا يتذكر أي شيء، حتى روتينه اليومي لا يقوم به من نفسه إنما يُخبر بما عليه أن يفعل؟
John Forbes

من دراستي سابقًا لاكتساب اللغة عند الإنسان، عرفت أن هنالك أجزاء في الدماغ متخصّصة في مهارات اكتساب اللغة ثم التحدث بها بعد ذلك، لا تندرج هذه الأجزاء ضمن الحصين المسؤول عن الذاكرة، في حالة اللغة الأم. أما في حالة اللغات الأجنبيّة فلستُ متأكدة إن كان للحصين دور في تعلّمها أم لا. الأجزاء المسؤولة عن اكتساب اللغة لدى الإنسان أربعة؛ منطقة بروكا، منطقة ويرنكي، القشرة الحركيّة، الحزمة المقوّسة. بروكا جرّاح فرنسي وويرنكي طبيب ألماني توصّلا إلى وظائف هذين الجزئين في اللغة وعليه نُسبت إليهم الأسماء. في ستينيات القرن التاسع عشر أصدر بول بروكا تقريرًا أشار فيه إلى أن التلف في الجزء المُشار إليه بالرقم 1 في الشكل أدناه يؤدي إلى صعوبات في التحدث وعليه هذا الجزء مسؤول عن إنتاج الكلام. في سبعينيات القرن ذاته أصدر الطبيب الألماني كارل ويرنيك تقريرًا أشار فيه إلى أن تلفًا في الجزء المشار إليه بالرقم 2 في الشكل أدناه موجود لدى المرضى الذين يعانون من صعوبة في فهم الكلام، وعليه هذا الجزء مسؤول عن الاستيعاب. القشرة الحركيّة، المُشار إليها بالرقم 3 في الشكل أدناه، مسؤولة عامةً عن تحريك العضلات في الجسم، والجزء منها الذي بجانب منطقة بروكا هو الخاص بتحريك عضلات الوجه والفك واللسان ...إلخ الأجزاء التي تنتج الأصوات. الحزمة المقوّسة –وهي من اكتشاف ويرنكي- مُشار إليها في الشكل أدناه بالرقم 4 تشكّل اتصالا بين منطقتي بروكا وويرنكي. 



الآلية بشكل مبسّط: تُسمع الكلمة، يتم استيعابها عن طريق منطقة ويرنكي، عبر الحزمة المقوّسة يتم إرسال إشارة لمنطقة بروكا حيث يتم الاستعداد لإصدار الكلمة، ترسل بعد ذلك إشارة إلى القشرة الحركيّة لتصدرها لفظيًا. تتناول اللسانيّات العصبية الآليات في الدماغ البشري التي تكتسب وتنتج اللغة وكل ما يتعلّق باللغة والدماغ بشكل مفصل لمن يريد أن يستزيد حول الموضوع. وعليه فجون فوربس لا علاقة تربط ما حصل للحصين عنده باللغة. جون كما لا يُمكنه تذكر شيء من الماضي، لا يمكنه التخطيط للمستقبل، ولا يملك خيالًا. لأن الحصين هو المسؤول عن كل هذه الوظائف. حول اكتساب اللغة يوجد وثائقي أيضًا من بي بي سي تناول تجربة اكتساب الأطفال للغة من خلال باحث حوّل منزله إلى مختبر سجل كل لفظ يصدر من طفله على مر ثلاث سنوات، وتناول أيضًا تجربة رجل يعرف لغات متعدّدة وأمور أخرى. رأيته منذ مدة طويلة ونسيت أغلب التفاصيل لكن أذكر عنه أنه جيّد.   Language Acquisition

جنيفييف، تستحضر ذكريات الاعتداء الذي تعرّضت له منذ تسع سنوات والمشاعر المؤلمة التي رافقته، كما لو أنها طازجة بطعم اليوم الأول، وهذا ما يسمى باضطراب ما بعد الصدمة، حيث لا ينفكّ الإنسان من الشعور بثقل الوجع دون أن يخبو أو يتضاءل. حين استحضار الذكريات تُستحضر من ناحيتين، الحدث، والشعور المصاحب له. وفي حالة جنيفييف الشعور يحتفظ بتركيزه ويفرض نفسه في كل مرة تعود لها ذكريات الحادث. في الوثائقي تمت تجربة عقار أخذته جنيفييف ثم خضعت لاختبار يقيس مدى تأثرها أثناء استحضار الحادث مجدّدًا، وكانت النتيجة أن العقار خفف من تركيز وثقل المشاعر التي تلازمها أثناء ذلك. لا يمسح العقار الذكريات المؤلمة بالطبع، لكنه يخفف من الشعور بالألم حين تخطر بالبال. عن التجربةأكثر وآلية العمل يتحدّث بروفيسور برونِت الذي قام عليها، وسؤال لمجموعة من الناس حول إمكانية تعاطيهم العقار من عدمها.

يوجد تجربة طريفة –خارج الوثائقي- حول إمكانية زرع ذكرى خاطئة في ذاكرة الإنسان. صمّمه بروفيسور من هارفرد ليبيّن كيف أن الذاكرة من الممكن أن تخدع الإنسان. أجريته ولم تكن ذاكرتي خصبة بما يكفي لتتم عملية الزراعة، لم تنجح الخدعة : ) ذاكرتي حازمة حيال مثل هذه الأمور. كما توجد تجربة أخرى تتعلق بالذكريات مع البيتلز، أغنياتهم وحفلاتهم وألبوماتهم ... إلخ. لهذه التجربة موقع لكن به مشكلة للأسف لم تمكّنني من تجاوز الصفحة الرئيسيّة. يقوم على هذه التجربة أساتذة من جامعة ليدز بالمشاركة مع الجمعية البريطانية للعلوم، حول تأثير الموسيقى على الذكريات.

تناول الوثائقي فيما تناوله بشكل مقتضب كيف تصنع الذكريات خبرة، مرض ألزهايمر وآلية عمل دماغ المصاب به وكيف يحدث له هذا. وتحوّلات تطرأ على الذاكرة مع التقدم في السن، تجربة مريض بألزهايمر وزوجته. وبالطبع فالمجال والأبحاث أوسع من أن أتناولها في هذه التدوينة.

اقتباسات من الوثائقي How does your memory work
'التجربة تصنع حياتك'
'الذاكرة تمنحك القدرة من أجل التخطيط'
'10% من الأشخاص يرغبون نسيان تجارب قد مرّوا بها'
'في سن الخامسة والعشرين تعمل الذاكرة بكامل طاقتها حيث تستعيد في الثانية 200 معلومة'
'من سن السابعة والعشرين تخبو ذاكرتك بالتدريج'
' في سن الأربعين تموت من خلايا الذاكرة 10000 خليّة يوميًا'
'في منتصف العمر، ينحدر مستوى الذاكرة'

·        المراجع:
·   How Does Your Memory Work - BBC Documentary Film
·        Wikipedia
The study of the language - George Yule

الثلاثاء، 2 أبريل 2013

من وحي صنعة الشعر، لا عنه.



أذكر أنني منذ كنت في الصف الثاني الثانوي كنت أرغب في اقتناء صنعة الشعر، وأقول اقتناء لا شراء أو ابتياع لأنني أشعر بأن الأشياء التي أُحبها وأكن لها تقديرًا ليست سلع، وإن كنت أدفع المال من أجل الحصول عليها، فالأمر مزعج حين أقول غير اقتناء، إذ أفرض دائمًا أن الاقتناء ليس إلا للأشياء الثمينة جدًا حتى وأن تم الحصول عليها بنفس آلية شراء الأشياء غير الثمينة. ولا أدري الآن صراحةً ما شغلي مع الكتاب في ذلك الوقت؟ صِدقًا كانت لي خواطر غريبة، أظنني لو اقتنيته حينها كنت سأخلّفه دون قراءة، ولربّما لن أعد لقراءته أبدًا. فالحمدلله أنني لم أحصل عليه قبل معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام. وهل لي شغل حقيقي معه الآن؟ لا أعرف. وكنت قد قررت أن أبدأ به لاحقًا، في وقت أجد أنني مستعدة لاستيعابه. ما الذي غيّر الأمر؟ حسنًا، كنت قد استعرت بضعة مراجع دراسيّة لأنني أجد ضعفًا في معرفتي بتخصّصي، وقررت أنني بحاجة لبناء معرفة حقّة حياله، لكن الأمر أخذ مسارًا غير مُفضّل، رحت أفكّر بقرار يتعلق بمرحلة ما بعد البكالريوس. أظنني بحاجة لردم هذه الحفرة، تبًا. وتجنّبًا لهذا التفكير الذي حشرته المراجع في رأسي توجّهت إلى صنعة الشعر.

صنعة الشعرThis Craft of Verse سلسلة محاضرات ألقاها بورخيس عن الشعر من كرسي تشارلز إليوت نورتون، ضمن برنامج محاضرات نورتن "Norton Lectures". صدرت في عام 2007 عن دار المدى بترجمة صالح علماني. برنامج محاضرات نورتون تأسس عام 1925م كمحاضرات سنويّة تتناول الشعر من حيث مفهومه الأوسع. يستقطب هذا البرنامج رموز الأدب والفن، ليلقي أحدهم ستّ محاضرات موزّعة على السنة الأكاديميّة الواحدة. وممّن استقطبهم البرنامج : ت. س. إليوت، روبرت فروست، أوكتافيو باث، هارولد بلوم، أمبرتو إيكو، أورهان باموق. وهذه قائمة بالمحاضرات والسنوات التي أُلقيت فيها وتاريخ النشر، وهذه قائمة بالمحاضرات التي نشرتها جامعة هارفرد –المُنظّمة للبرنامج-في هيأة كتاب ورقي

لن أتحدّث في الوقت الحالي عن محتوى المحاضرات –وهذا لا يعني أنني متأكدة حيال التحدث عنها في القادم من الأيام- لكنني أحسب أنني عثرت على ثروة. محاضرات بورخيس التي ألقاها متوفّرة كاملةً على يوتيوب، وهي حديثة الرفع، من شهر وأكثر من النصف تقريبًا. وعلى سيرة يوتيوب، أيضًا وجدت قناتين من ضمن ثروات هذا اليوم الجميل.
* القناة الأولى: وثائقيّة تاريخيّة أدبيّة وبها العديد من المحاضرات باللغة الإنجليزيّة ولغات أخرى.
* القناة الثانية: الشعر والشعراء والقطارات وسكك الحديد، عن كل هذا  مقاطع ووثائقيات.