الجمعة، 13 يناير 2017

تدوينة باهتة قليلًا.



 
Sharon Nowlan.

(0)

في عام 2012م. سألت في تويتر: "من يعرف حشرة "المُبَشِّر؟"" ولم أجد إجابة. لا أقصد حشرة اليعسوب المعروفة بأبو بشير، لأن حشرتي التي أبحث عنها مختلفة. منذ ذاك رأيتها في مرات قليلة، دون هاتفي المزوّد بكاميرا، لم أتمكن من تصويرها ثم تكبير الصورة من أجل معرفة أوصافها لغرض البحث عنها. في إحدى المرات التي رأيتها فيها، وضعت عليها غطاء علبة حلوى، إلى أن أحضر هاتفي لألتقط لها صورة، لم تكن غرفتي تبعد كثيرًا عن المطبخ، حيث حبستها، لكنني خشيت أن تختنق بسرعة وتموت وأنا في نصف الطريق، لم أعد طبعًا إليها دون الهاتف لكنني أسرعت كثيرًا، حتى أنني كنت أركض في وقت متأخر من الليل، والبيت ساكن، والكل نيام، ووقع خطواتي في البيت الفارغ كان يصل إلى كل أطرافه، الأمر الذي قد يوقظ أحدًا من عائلتي وهذه مخاطرة! لم أجدها، قلّبت الغطاء فوجدت أن في إحدى جوانب الغطاء كسر سمح لها بالخروج، ثم لم أصادفها مجدّدًا. قبل أيّام كانت تتجوّل بجانبي، وهاتفي في يدي، سعدت! التقطت لها صورًا عديدة، وسجّلت لها فيديو أيضًا، تفحّصتها جيدًا بعدها وكتبت صفاتها في محرّك البحث "قوقل": حشرة بستة أرجل وأربعة قرون استشعار. حشرة لها ستة أرجل، ذيلان، قرنا استشعار. حشرة لها ستة أرجل وذيلان قصيران وذيل طويل وقرنا استشعار. حشرة بستة أرجل وأربعة قرون استشعار وذيل طويل، هذه الأخيرة التي أوصلتني لها! –تبيّن لي لاحقًا أنهما قرنا استشعار وقرنان شرجيّان-. حقًا كنت "متشفّقة" على معرفة أي شيء عن هذه الحشرة، ليست الوحيدة طبعًا التي أود أن أعرف عنها، لكن هذه وضعها مختلف من أجل ما ترتبط به في بيتنا.


(1)

السمكة الفضيّة - رسم: كريستفور رِن.
حشرة السمك الفضّي، أو لاحسة السكّر، أو سمكة الحائط، (الاسم العلمي: ليبيسما سكريّة - Lepisma Saccharina . حشرة تتغذّى على الأوراق وبعض الأطعمة، تتواجد في الأجواء الرطبة، تعيش من سنتين إلى ثمان سنوات، وقد تعيش لسنة دون طعام. تعتبر من "دود الكتب". أول مصدر فيما أعرف أشار لها كونها "دودة كتب" كتاب "ميكروغرافيا - Micrographia" من تأليف روبرت هوك – Robert Hooke ورسم: كريستفور رِن - Christopher Wren. نشره في 1665م. وصفها فيه بأنها "أسنان الزمان". الكتاب الأول الذي يرد فيه رسوم توضيحيّة للعديد من الحشرات والنباتات التي تُرسم مفصّلة لأول مرة، حيث استعان في هذا بمجهر مركّب، وهو متاح "أون لاين" بشكل قانوني بالمناسبة. 

سبب تسميتها بالسمكة الفضيّة، لأنها تشبه السمكة في الشكل والحركة، ويميل لونها إلى الفضّي. أما لاحسة السكّر فلأنها تتغذى على السكريّات أو النشويّات، دودة الكتب لأنها ببساطة تأكل الكتب. وأنا أقرأ عنها مرت بي إحدى المقالات التي تنبّه إلى أن تسمية آكلات الورق من الحشرات بدود الكتب تسمية غير صائبة، لأن من تأكل الكتب حشرات وليست ديدان. 

خنفساء السيتونا.
لماذا نسمّيها في بيتنا بالمبشِّر؟ لأن ظهورها يسبق عودة أبي من عمله في مدينة أخرى، أو هطول المطر. لا أعلم إن كانت تسميتها بالمبشِّر متداولة أم لا، لكن أيضًا في المدرسة إذا لم يكن هذا من تخبّط الذاكرة كانت بعض الزميلات ينادينها بهذا الاسم. هل تسمّينها وتسمّونها بالمبشِّر؟ هل من حشرة أخرى تحمل هذا الاسم لديكن ولديكم غير اليعسوب؟ أود أن أعرف هذا. –أعدت فتح التعليقات بالمناسبة-. لهذا السبب، أعني ارتباطها بعودة أبي والمطر، لأنها تُبشّرنا بفرحتين، تهمّني معرفتها أكثر من بقيّة الحشرات التي مررت بها في حياتي وأرغبّ بمعرفة المزيد عنها، كالسيتونا مثلًا، التي دلّتني عليها الصديقة: نورة الشريف. لم أكن أعرف لها اسمًا غير وصفها الذي نتداوله: "الخنفوس اللي يلصق." لأنها تتشبّث بأرجلها كما لو أنها لصقت فعلًا، كنت أمسكها فتتشبّث في إصبعي، مهما أنفضه لا تتزحزح. كما أنها حين نقلبها على ظهرها لا تتحرك أبدًا ولا تحاول أن تنقلب على بطنها –قرأت أنها حيلة تتظاهر من خلالها بالموت حتى لا تتعرّض للخطر-. قبل أشهر عثرت عليها في حوش البيت، أردت أن أمسك بها لأصوّرها لكنني جبنت، يبدو أن شجاعتي تتراجع كلما كبرت. 

أثناء البحث عنها مررت بهذا الموقع، الحياة البريّة في السعودية، وهو موقع جميل جدًا يجمع معلومات وصور للكائنات الحيّة في منطقة الجزيرة العربية، الباقية والمنقرضة أيضًا، يقوم عليه أساتذة ومختصّون في علم البيئة. منه أيضًا عرفت اسم حشرة ثالثة لطالما رغبت بمعرفة اسمها: "فراشة دودة الخس القارضة" -لم أجد لها صورة جيّدة أضعها، لكن يمكنكن ويمكنكم مشاهدتها في محرك قوقل الصوري أو هنا- اسمها المتداول لدينا: "صقير عليّة"، صقير تصغير صقر، أما عليّة فلا أدري من هي، ربّما أنها فتاة صغيرة اعتقدت هذه الفراشة صقرًا، أو ربّما عاملتها كما يعامل الكبار الصقر، لا أعرف.



(2)

البارحة كانت ليلة "قمر الذئب"، تكوّنت حول القمر هالة جميلة وواضحة جدًا، عرفت هذا من الصور التي شاهدتها في وسائل التواصل الاجتماعي، تسمّى بهالة الشتاء. لم أتمكّن من رؤيتها بالعين المجرّدة كما يقال لأنني أقيم الآن في شقة، بلا سطح أو حوش، منفذها الوحيد إلى السماء نافذة لا تسمح لي برؤية القمر، لا أرى منها سوى قطعة صغيرة من السماء خلف العمائر المحيطة. طبعًا مسألة الخروج إلى الشارع لرؤيته غير واردة أبدًا. البارحة وأنا أفكّر كيف أحرمني خيار السكن هذا من رؤية هذه الظاهرة، ورؤية البدر لشهرين متتاليين، من الاستلقاء تحت السماء مباشرة، تساءلت عن حال أهل السجن، أو دعنا ممّن يستطيع أن يخرج حين تنتهي محكوميّته، ما حال المظلومات (#سجينات_منسيات) ممّن دخلن إلى السجن ولم يخرجن منه رغم انقضاء المدّة؟ أو من أودعن دور الحماية نتيجة تعرّضهن لعنف أسري ولم يستطعن مغادرتها؟ أو من تم ترحيلهن من السجون ودور الرعاية إلى دور الضيافة بعد أن انقضت محكوميّتهن –من باب أننا لا نظلم، لا نحبسها في سجن إنّما نحبسها في دار ضيافة-، وطالت استضافتهن هناك، لأنهن نساء يقيّدهن القانون في المملكة العربيّة السعوديّة بموافقة أولياء أمورهن على استلامهن واخراجهن من السجن؟ كم هبّة نسيم بارد قد فاتت عليهن؟ ماذا عن الاستمتاع ببرودة الشتاء في الهواء الطلق؟ المطر؟ مشاهدة ظواهر القمر العملاق والوردي وهالة البارحة والخسوف؟ ماذا عن عدم تمكّنهن من رؤية النجوم كلما رغبن بذلك؟ كم فاتهن من الحياة؟ إلى متى طيّب؟ اللعنة.

على سيرة القمر، واسم القمر، وبما إننا في ليالٍ مقمرة، هنا مقالة قصيرة عن أسماء القمر المكتمل بحسب الأشهر التي يكتمل فيها والسبب وراء التسمية.
  

(3)

أعدت هذا الأسبوع مشاهدة المسلسل الكرتوني المومين "وادي الأمان" بالدبلجة الإنجليزيّة، كنت أنوي مشاهدته منذ مدّة، فعلت أخيرًا! علق في ذهني مشهد من الحلقة الأولى، لمس شيئًا في داخلي. حينما كان مومين وأصدقاؤه يلعبون "الغمّيضة"، اختبأ مومين في قبعة كان قد جلبها من الخارج –وجدها واقعة في مكانٍ ما-، ليست قبّعة عاديّة، كان هذا واضحًا منذ البدء، حين التصقت في رأس بابا مومين ونزعها بعد جهد، ثمّ حين نشرت غيومًا في المحيط. حين خرج منها، خرج منها مسخًا زهريًا. استنكر الجميع ما هو عليه، وسألوه أين مومين؟ لم يصدّق أحد بأنه هو مومين حينما كان يجيبهم: "أنا مومين."، جاءت ماما مومين، وهي أيضًا لم تصدّق بأن هذا المسخ الزهري ابنها، بكى مومين راجيًا من أمه التعرّف عليه، قائلًا أنه من غير الممكن ألّا تعرفه، من غير الممكن أن تنساه. أسكتته والدته، حدّقت في عينيّه، وما إن تعرّفت عليه وقالت هذا مومين حتى عاد تدريجيًا من المسخ الزهري إلى مومين، ما إن تعرّفت عليه، وصدّقته، حتى عاد إلى نفسه.


(4)

طبعت أسئلة اختباري هذا الأسبوع، سخونة الأوراق وهي تخرج من آلة التصوير ذكّرتني بسخونة لفائف القرفة، التي قضيت الشتاء الماضي في خبزها، وهي تخرج من الفرن. كأن الآلة تخبز الأوراق فتخرج منها مستوية. أما الشق الرائع في هذا، فهو بالتأكيد تظريف الأوراق! وددت حينها لو أنني في عمل مهمتي فيه وضع رسائل أو أوراق وما شابه في الأظرف، قبل أن أسحب الشريط الذي على طرفها الأطول وأغلقه على الآخر ثم أرسلها إلى وجهتها.


(5)

بدأت أستخدم مؤخرًا تطبيق مصاريف، ليساعدني في ضبط مصروفاتي، استخدامه مريح وعملي. أيضًا يوجد تطبيق آخر أستخدمه وأظن أنه مناسب لكل من تنتظر وينتظر الراتب وفقًا للأبراج، تقويم ميلادي وهجري قمري وهجري شمسي، وبه أيضًا خاصية تحويل التواريخ.


(6)

في نهاية 2015م. اقتنيت مذكرة الأسئلة وبدأت أدوّن أجوبتي على سؤال كل يوم. أكملت في 2016 أيضًا لذلك لم أصادف إلا في آخرها أسئلة كنت قد أجبتها قبل عام. مع بدء 2017، بات لدي رصيد أجوبة سنة كاملة، استمتعت بقراءة إجابة كل سؤال كنت كتبتها قبل عام، حدثت مصادفة في سؤال الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير، إذ كان السؤال عمّا فقدت اليوم. في العام الماضي أجبت: "حَلَقِي، يعني أقراطي." في هذا العام فقدت في اليوم نفسه أيضًا قرطي، وأنا أرتدي ربطة شعري في المدرسة، أوقعته في القمامة التي بجانب المغسلة ذات المرآة حيث كنت أقف. كانت إجابتي للسؤال ذاته هذا العام: "أوف! نفس ما فقدت في العام الماضي."، أشعر بحماس من أجل ما سأجيبه في العام القادم، أرجو ألّا أفقد إلا من القرط وما دونه، كما أنني سأحرّص ألّا أرتدي ذهبًا ذلك اليوم!


(7)

بعد أن انتهيت من الكتابة، شعرت أن التدوينة باهتة قليلًا، تردّدت في نشرها في الحقيقة، لكن لسبب مجهول أنشرها رغم ذلك. 

Sharon Nowlan.

الخميس، 5 يناير 2017

"بنستين" وصباحات تبدأ بالعجلة والانتظار.


Soosh.

(0)

منذ أيّام وأنا أرغب العودة إلى المدوّنة، وفي بالي العديد من الأشياء التي يخطر لي الكتابة عنها، لكنني أمضيت قرابة الساعة الآن وأنا أُطالع نافذة معالج النصوص الفارغة. وعليه قرّرت أن "أسولف" حتى تنحل عقدة لساني. : )


(1)
انتقلنا في محرّم/ تشرين الأول الماضي إلى منزلٍ جديد، بسرعة لم أتوقّعها أحسست به بيتنا منذ زمن، حتى أنني شعرت ببعض الغربة في زياراتي –التي أعقبت انتقالنا- لبيتنا الأول. كنت أسير فيه كما لو أنني سرت ألاف المرات، أحس بأننا قضينا فيه عمرًا، وهكذا أحس أفراد العائلة. 

حسنًا، لستُ بالفتاة المولعة بالترتيب، وربّما لا تصدق الناس التي ترى اهتمامي بوضع علامات الترقيم في مواضعها أنني لا أضع ملابسي في الخزانة إلا مرغمة، فإنها من الكرسي والطاولة إلى سطح الخزانة –لا داخلها-، إليّ، إلى سلة الغسيل ثم الغسّالة فالنشّارة التي لا أرفعها عنها حتى يحتاجها أحد بعدي –دائمًا تكون مطلوبة للخدمة بعد نشر ملابسي عليها ببضع ساعات-، إلى سلة الملابس أيضًا التي لا أفرّغها حتى تُطلب منّي عدّة مرات –أحيانًا أجد أن ملابسي قد رُميت من السلة علي وأنا نائمة-، ثم إلى الكرسي والطاولة ...إلخ. كما أنني لم أرتّب مرقدي عند الاستيقاظ منذ آخر مرة توسّدت فيها فراشًا ورقدت على الأرض، أي منذ سنوات حين استبدلنا الأسرة بالفرش التي نطويها ونرفعها على طاولة في زاوية الحجرة.

أما عندما انتقلنا إلى بيتنا الجديد، فقد رتّبت سريري في كل يوم، مسّدت الوسادة وقلبتها، بل إن ترتيب سريري كان غالبًا أول ما أفعل حينما أستيقظ. ملابسي لم تغادر الخزانة، بل أن القطعة منها لم تتعد إلى درفة القطع التي لا تشبهها! صنّفتها بحسب النوع واللون أيضًا، واحتفظت بترتيبها. لم تعد دبابيس شعري –سأقول عنها شيئًا أيضًا- منثورةً في كل مكان، بل إنّها تمكث في فنجان جدّتي بجانب سريري، أسحبها من شعري آخر النهار لتبات فيه، دبابيس شعر قليلة، لم أفقدها بالسرعة المعهودة –سافرت ولم يتبق منها غير واحدة على ما أذكر-. لم تعد أوراقي في كل الأطراف، شغلت القليل منها وهذا أيضًا تقدّم في مضمار الترتيب. أما كتبي فلا أذكر أنني تصفّحت منها الكثير حتى يفسد ترتيبها في الرفوف وتتكاثر على جنبات السرير. أنا التي لا تشرب الماء كثيرًا، صرت أشرب أكثر من قبل. أدركت أنني اكتسبت بعض العادات الجديدة، بعضها مما حاولت في السابق التعوّد عليه -مثل الترتيب وشرب الماء- لكنني لم أنجح. فخطر لي أن لهذا علاقة بالانتقال من البيت الأول، أعني أن تغيير السكن يساعد الإنسان في تكوين عادات جديدة وترك عادات سابقة. بقي الموضوع في ذهني لأيّام وأنا أودّ القراءة عنه لكنني انشغلت ثم نسيته وذكرته البارحة. بحثت سريعُا فوجدت أن هذا الأمر حقيقة؛ تغيير السكن والمرور بتحوّلات في الحياة –مهنيّة أو اجتماعيّة مثلًا- يساعد الإنسان على تكوين عادات جديدة وترك أو خسارة عادات سابقة، وبهذا ففترة الانتقال والتحوّلات هي الفرصة الذهبية. بحسب البرفسورة ويندي وود، المهتمة بكيفية تكوين العادات أو تغييرها وتأثير المحيط على العادات، فأن اكتساب العادات أسهل عند الانتقال من المسكن أو عند معايشة بعض النقلات أو التحوّلات في الحياة. هنا لقاء تطرّقت فيه إلى هذا. لم أقرأ كثيرًا في الموضوع، اكتفيت بهذا اللقاء.


(2)

أحب معرفة الخرافات، ذلك الجزء الجذّاب من موروثنا الشعبي، أعني التي تحاول تفسير الظواهر أو ربط بعض الأحداث بأخرى يفترض أنها تنتج عنها، مثلًا خرافة تغيير حجرة الفتاة، تقول الخرافة أن تغيير أثاث حجرة الفتاة، أو استقلالها في حجرة تخصها دون أخواتها إشارة على أنها ستتزوّج قريبًا. عندما انتقلنا إلى بيتنا الجديد مازحتني صديقة بأنني لن أتهنّى بحجرتي التي أثثتها برواق، لأنني سأغادرها وفقًا لهذه الخرافة قريبًا! وكان هذا أكثر تعليق تردّد، عليّ وعلى أختي التي تكبرني، لن تبقين في حجراتكن هذه. أحببت ما حدث بعد ذلك، إذ حصلت خلال شهرين من انتقالنا على عمل في مدينة بعيدة، فغادرت أنا وأختي بيتنا، لا حجراتنا وحسب، أحببته ليس لأنني حصلت أخيرًا على عمل، فقط، بل لأنني أحب حدوث الأشياء الغريبة، وتقليد الخرافات –إن لم أقل تجسيد-. أظن أن الخرافة بحاجة إلى تعديل طفيف، أعزو الشكل الذي هي عليه الآن إلى انعدام تعدّديّة الأسباب التي تغادر فيها الفتيات حجراتهن سابقًا، لم يكنّ يغادرن إلا في زواج، فحصل هذا اللبس ورُبطت بالزواج لا المغادرة، لكن الأصل أنها تغادر، مهما يكن سبيل المغادرة، الخرافة يجب أن تقول بأن تغيير الأثاث أو الاستقلال في حجرة يؤدي إلى مغادرتها.


(3)

كنت أودّ الحديث عن عدّة أشياء، لأول مرة أشعر بأنني مملوءة بالحكايات، ربّما لأنني لم أدلق كل الحكايات، واحدة .. واحدة، في آذان كل فرد من أفراد عائلتي على حدة، لكن معالج النصوص يخبرني بأنني تجاوزت السبع مائة مفردة في هذه التدوينة، أليست طويلة على "سوالف"؟ لكن بقي ثلاثة أشياء أود أن أضيفها، اقتباس عن المنبه، أهميّة استقطاع وقت هادئ ورائق صباحًا، وبقائي بدبّوسي شعر فقط لشهر ويزيد، حيث لم يتلقف ثقب أسود دبابيس شعري، ولم تسرقها الجن، صحيح أن الخرافة تقول تسرق الجن الذهب والفضّة، لكن هذا في السابق، قبل أن تعرف دبابيس الشعر بالتأكيد، وإلا أين تختفي؟ كنت أيام الدراسة أبتاع علبة دبابيس شعر بداية كل فصل دراسي لأنني أفقدها بالتدريج حتى أجد علبتها فارغة تمامًا. لا تظل طويلًا، أما هذه المرة فإنها معجزة! "بنستين" أعيش عليها كل هذه الفترة ولا تُفقد!


(4)


'فى هذه البلدة لا يُقدّر الناس الصباحات، فهم يصحون فجأة على جرس منبه يقطع نومهم مثل ضربة فأس، ثم يدفعون بأنفسهم فجأة في نشاط صاخب كئيب، قل لي كيف يمكن ليوم لطيف أن يبدأ بمثل هذه الوتيرة العنيفة الخرقاء؟
ماذا يحدث للناس الذين يبدأون الحياة كل صباح بصدمة ازعاج صغيرة بشكل ملائم يسمّونه جرس منبه؟ فى كل يوم يصيرون أشد تكييفًا مع العنف ومعتادين بصورة أقل على البهجة. صدقني أن مصير شخصيات الخلق يتحدد بصباحاتهم.' – فالس الوداع، ميلان كونديرا.


Soosh.
منذ أن بدأت العمل وأنا أستيقظ فجر كل يوم على منبّه بغيض، استيقظت في اثنين وثلاثين يوم على هذا المنبه، كرهته كثيرًا، أشارك أختي الرغبة في تحطيم المنبّه، لكنني مضطرة إليه، أو هكذا ظننت. انتهت بطاريّة الساعة، ولم أبتع بعد واحدةً جديدة، وأظنني لن أفعل، أكملت على منبّه الجوّال وهو أهدأ منها كثيرًا، فتلك تشدّ أعصابي وتجعلني متوتّرة بشكلٍ يمكن تجنّبه، ألا يكفي أن علي الركض حتى لا أتأخر على السائق الذي يتأخر كثيرًا –وأتأخر قليلًا-؟ حد تناول الخبز فطورًا دون دهنه بأي شيء، من العجلة، وأن علي أن أطوف معه المدينة وننتظر عند بيوت الزميلات قرابة الساعة وتزيد أحيانًا؟ رغم أن مقر العمل لا يبعد أكثر من ثلاثين كيلومتر عن مقر سكني إلا أننا نمضي قرابة الساعتين أحيانًا في طريق الذهاب. ألا يكفي أن كل صباحاتي تبدأ بهذه العجلة والانتظار وعدم الراحة مع المواصلات التي تكلّفني 11% من دخلي، من أجل مشوار العمل وحده، لأن حق حريّة التنقل محجوب ولعدم وجود بدائل جيّدة؟ لم أتكيّف في بداية الأيام، وكنت أستاء من الوضع كثيرًا قبل أن أضع روتينًا صباحيًا أنفّذه في السيّارة.  : )


(5)

كنت قد قرأت قبل فترة هذه المقالة عن أهميّة الروتين الصباحي، حتى وإن خُصّص له نصف ساعة، وكيف أنه مثل صخرةٍ ثابتة في نهر مضطرب، يمنح شعورًا بالخير وأن الأيام تسير كالمعتاد حتى حين تسوء فيها الأعمال أو تتعثّر، وكأنه بهذا يمنح الإنسان أرضًا ثابتة يقف عليها، يمنحه ما قد يتشبّث به. كما يقلل الشعور بتأنيب الضمير على تضييع الوقت والأيام، ويمنح دفعة للاستمرار والتقدّم، بحسب المقالة.  لهذا، فكّرت بروتين أنفّذه في السيّارة، لأحاصر كل ما يمكنه تعكير يومي بدلًا من محاصرته لي، من تأخير ولف ومسافة تزعجني أسباب طولها، فصرت أقرأ في السيارة مقالات، أو كتاب على الجوّال، أستكشف أغانٍ على ساوندكلاود، أتأمل قليلًا، أتصفّح تطبيقات الصور، وأخطط لما سأفعله بقيّة اليوم، وأستحضر المهام التي علي أن أتمّها. يقترح كاتب المقالة أن تبدأ بفطور صحي، تلحقه بقراءة كتاب أو مقالة، ثم تمارين، يليها التأمل واستعراض خططك ومراجعتها، ثم التدوين والتخطيط لليوم، يوجد المزيد من التفاصيل لكل واحدة من هذه مع فوائد ومقترحات في المقالة. حقًا تخفّفت من بعض الغضب والضغط الذي يثقلني منذ أن بدأت به.


(6)
Soosh.

لي سنين طويلة مع الكوابيس، لم ينتظم نومي من قبل مثله الآن –هل اكتسبت عادة النوم مبكرًا لأنني انتقلت أيضًا إلى مسكن جديد؟ بعد باقة عادات بيتنا الجديد تلك؟ أم فرضت علي ظروف العمل هذا؟- ومع النوم المنتظم لم أعد أرى كوابيسًا، بل أنني لا أذكر أنني رأيت حلمًا واحدًا حتى، والمرّات القليلة –ربّما ثلاث مرات- التي رأيت فيها أحلامًا كانت في نهاية الأسبوع، أثناء نوم الضحى الذي لم أعتد عليه. كانت أحلامًا ظريفة. كنت قد قرأت مرةً بأن النوم المنتظم يقصي الكوابيس تمامًا، وهذا ما يحدث الآن، إنما يبدو أن نومي منتظم أكثر من اللازم إذ أقصى الأحلام برمتها.


(7)


يوم غد، 4/8، يصير عمري خمس وعشرين سنة، وفقًا للتقويم الهجري. ربع قرن أيتها الحياة!
-يبدو أن لساني اندلق، حُل أمر العقدة زيادة عن اللزوم، أتوقّف هنا إذ أصل 1354 كلمة.-