الجمعة، 27 مايو 2016

كُنّاشة الأسبوع. -3-




(11)

لا أنوي أن تكون البداية الملازمة لهذه السلسلة من التدوينات حديثي عن مساق أنهيته مع كورسيرا، كما لم يعد ممكنًا أن أقول: منذ زمن لم أتمّ مساقًا مع كورسيرا، لأنني قد فعلت الأسبوع الماضي حقيقةً وذكرت هذا في التدوينة، لكنني أنهيت هذا الأسبوع أيضًا مساقًا آخرًا يتناول عدة مشاريع في التصوير الضوئي. عُرضت العديد من المشاريع اللافتة، إن كانت عن الحروب التي تدمّر بها الولايات المتّحدة الأمريكيّة العالم، عن قضايا السود والعنصريّة حيث عرضت صاحبة المشروع صور موجودة سلفًا للسود، أخذتها من الصحافة، مع تعليق عليها يسرد الرؤية العنصرية تجاههم وما إلى ذلك، أيضًا عن النساء، التصوير التوثيقي، والبورتريهات الشخصيّة وأشياء أخرى.

سلسلة الأخوات براون - نيكولاس نيكسون، 1975م.
من اليسار: هيذر (23 سنة)، ميمي (15 سنة)،
بيبي (25 سنة)، ولوري (21 سنة).
سلسلة الأخوات براون - نيكولاس نيكسون، 2014م.
 لكنني انجذبت كثيرًا إلى مشروع واحد، أربعون بورتريه خلال أربعين سنة، "سلسلة الأخوات براون - Brown Sisters Series"، حيث قام المصوّر نيكولاس نيكسون - Nicholas Nixon بتصوير زوجته وأخواتها، صورة جماعية يحتفظن فيها بترتيبهن، على مدى أربعين عامًا. يخبر نيكولاس في أحد اللقاءات أن زوجته وأخواتهن أبدين قلقهن في البداية من أن تبدأ السلسلة بأربعة منهن، ويتناقصن حتى لا يجد سوى واحدة منهن ليصوّرها، وهذا ما خطر لي أيضًا أول ما عرفت بها، لكن لحسن حظهن انتهت السلسلة عام 2014م، وكنّ جميعهن موجودات في الصورة الأخيرة. بدأت الفكرة في صيف 1975م، حيث طلب منهن أن يصطففن في الحديقة ليلتقط صورة لهن، ثم في العام التالي في تخرّج إحداهن التقط لهن صورة، طالبًا منهن أن يصطففن بنفس الترتيب، ومن هنا صار يلتقط لهن عدّة صور كل عام، ينتخبن منها واحدة لتكون صورة العام في السلسلة، بجانب عرضها في متحف الفن الحديث، صدر كتاب يضم صور السلسلة. نيكولاس ابن والديه الوحيد، لهذا وجد شيئًا دافئًا طالما تاق إليه في عائلة زوجته، علاقة الأخوة التي أُخِذ بها دائمًا. أتتبّع الصور، ألاحظ التغيّرات على الأخوات، قصّات شعورهن، في الحقيقة اثنتان منهن فقط المولعات بقص شعرها، بملابسهن السادة دائمًا عدا صور قليلة جدًا، الأخت التي تظهر بملابس صيفيّة وسط أخواتها بكنزات شتويّة، سلسال إحداهن الذي ترتديه لتسع سنوات. هنا مجموعة الصور كاملة مع مقالة تعريفية في نيويورك تايمز.


(12)

بورتريه لروس في لوس أنجلوس - فيليكس غونزاليس توريس.
هذا العمل التنصيبي " بورتريه لروس في لوس أنجلوس - Portrait of Ross in L.A." الذي أنشأه فيليكس غونزاليس توريس - Felix Gonzalez Torres، في عام 1991م. يتكوّن العمل من كومة حلوى بأغلفة ملوّنة، تزن 175 رطل –وزن روس، عشيق الفنّان، قبل أن يصاب بالإيدز ويتوفى جراء ذلك-. الزوّار مدعوّون لالتقاط الحلوى من الكومة، ليؤدوا دورهم في هذا العمل، حيث عليهم تأدية دور المرض الذي جعل روس يتآكل حتى لم يعد موجودًا. أعمال توريس من النوع الذي يشجع على عمله مرة تلو أخرى، حتى أنه كان يعطي تعليمات عامة لينشئ أي راغب الأعمالَ في بيته، مثلًا في عمله "العاشقان المثاليان" الذي استعرضته في التدوينة السابقة كتب توريس خطوات العمل: ساعتان متطابقتان بخلفية بيضاء وإطار أسود، كما كتب تفاصيل قطري الساعتين، تعلّق بمستوى البصر على جدار بخلفيّة سماويّة، وبالمثل عمله "بورتريه لروس"، كومة حلوى بأغلفة سلوفان ملوّنة تزن 175 رطل يتناول منها الزوار، ويعاد وضع كومة حلوى ملوّنة جديدة كلما انتهت السابقة. لأقول شيئًا، تبدو الفكرة لطيفة، كما أن أحدهم علّق في إحدى الصور للعمل على انستغرام بأنه العمل الوحيد الذي "تتذوّقه" حقًا. لكن، بدا الأمر مثيرًا للسخرية حين علمت أن عمل مشابه، لتوريس، عنوانه بورتريه لمارسيل صديقه المقرّب، مكوّن من سكاكر مغلفة بسلوفان سماوي وله ذات زون مارسيل قد بيع بأربعة ملايين دولار ونصف في عام 1992م! له أيضًا عمل ثالث مشابه، إنّما قطع من عرق السوس مغلّفة بسلوفان أبيض، تعرض مكوّمة في إحدى الزوايا أو مفروشة على الأرض وعنوانه "الرأي العام".


(13)

قرأت هذا العمل المبني على نوفيلا الأمير الصغير لإنطوان دو سانت إكزوبيري، "عودة الأمير الصغير" الصادر عن الدار العربية للعلوم، ومنذ أن قرأت "الأمير الصغير" صار عندي ولع بكل ما يتعلّق به أو يدور حوله. هذه ترجمة عربية عن الترجمة الإنجليزيّة للكتاب الفرنسي "Le petit prince retrouvé"، مؤلف الكتاب جان بيار دافيتس - Jean-Pierre Davidts، مترجم وكاتب كندي على ما أظن، متخصّص في أدب الأطفال، له عدّة أعمال أخرى حصد بها بعض الجوائز. صدر الكتاب بالفرنسيّة عام 1997م، ثم تُرجم إلى الإنجليزيّة في عام 1999م، ثم إلى العربيّة عن الإنجليزيّة في 2002م. يقع الكتاب في ثمانٍ وثمانين صفحة من القطع المتوسّط، تتخلّله رسومات للقصة، لكنها غير ملوّنة في النسخة العربيّة، بحثت عن الرسومات في الإنترنت ولم تعجبني حتى وهي ملوّنة، ليتهم لم يجرّبوا، الأمير الصغير له شكلٌ واحد، الشكل الذي رسمه إنطوان دو سانت إكسوبري! حسنًا، القصة مكتوبة على شكل رسالة موجّهة لإنطوان دو سانت إكزوبيري، بعد أن أخبر الأمير الصغير الراوي بأنه قد التقاه سابقًا، وبعد أن عاد الراوي من مغامرته، بحث عن إنطوان دو سانت إكزوبيري، وقرأ الأمير الصغير، ووجد رجاء إنطوان بأن يكتب له من يصادف الأمير الصغير ذات يوم، كما أن الأمير الصغير قد أودع أمانةً عن الراوي كي يوصلها لإنطوان دو سانت إكزوبيري. أحببت الحبكة والثيمات الفرعيّة، نجح إلى حد ما في اقتباس شخصيّة الأمير الصغير، اللحوح في أسئلته، المتعجّب دائمًا من عالم الكبار الذين يعطون قيمة لأشياءٍ لا يجد أنها ذات قيمة، الأمير الذي يحن دائمًا إلى زهرته المشاكسة، لكن لديه هذه المرة نعجة يحميها، وبإيعاز من زهرته يغادر كوكبه بالنعجة من أجل هذه الغاية وهكذا بدأت حكايته التي انتهت بمغادرته. أحببت فيه السخرية من البيروقراطيّة، المبالغة في التأويل، التسويق والاستهلاك وخلافه. أقتبس منه ما يلي لكن قبل ذلك، يجدر بي أن أخبر بأن الأمير الصغير تنقّل في رحلته من كوكب إلى آخر، وحين انتقل إلى أحد الكواكب بالكاد وجد مكانًا يقف فيه، إذ تغطي لوحات الإعلانات سطح الكوكب، اللوحات بدت أسوأ من أشجار الباوباب التي ينظّف الأمير الصغير كوكبه منها -الفقرة التالية فيها أساطير عن الباوباب (بو حِبَاب كما يقال) وأسطورة عن شجرة الغريب في اليمن-. على هذا الكوكب تحدث رجل الإعلانات إلى الأمير مخمّنًا أنه يريد حاملًا ممتدًّا للمعاطف، فأخبره الأمير بعدم حاجته إليه، لكن الرجل أخبره أن أعرف منه بما يحتاجه، بصفته موظف إعلانات، فهو المخوّل بإخبار الناس ما يحتاجون وما لا يحتاجون:


"هيا، هيا، لا يمكنك تعليم رجل إعلانات قديم مثلي عن الإعلانات. ثق بي. فبعد أسابيع قليلة من الآن، لن يغادر أحد منزله –وأنا أقصد ذلك تمامًا- من دون الحامل المتمدد للمعاطف. أنا أعرف أن الطلب قليل في الوقت الحاضر. لكن الحامل المتمدد للمعاطف هو قيمة مستقبلية، ويوافق على ذلك كل الاختصاصيين"
"من سيشتري حاملًا متمددًا للمعاطف إذا كان لا يملك معطفًا ليعلّقه عليه؟"، قال الأمير الصغير.
"ليست هذه المشكلة. فليس ضروريًا أن يشتري الناس ما هم بحاجة إليه. إنهم يشترون ما يظنّون أنهم بحاجة إليه. وتقضي وظيفتي تحديدًا بإقناع الناس بأنهم لا يستطيعون العيش من دون حامل متمدّد للمعاطف. بهذه الطريقة، سوف يهرعون لشراء واحد خاص بهم."



(14)

شجرة الباوباب Baobab الواردة في الأمير الصغيرة، عرفتها منه لأول مرة، يوجد قول بأن تسميتها جاءت من العربيّة: بو حباب -كثير الحب (الحبوب)-.
شجرة الغريب في اليمن.
تنتمي شجرة الغريب في اليمن إلى الشجر المسمّى باوباب -ليس اسمًا علميًا دقيقًا، حيث يطلق على كل الأشجار من جنس التبلدي- قرأت عنها إنها تثمر ليلة في السنة ثم تختفي ثمارها في ذات الليلة دون أن يُعرف من قطفها، ومن أجل هذا القاطف المجهول الغريب، سُمّيت بشجرة الغريب. شجرة الغريب في اليمن معمّرة، وذكرها الهمداني في كتابه "صفة جزيرة العرب" الذي كتبه في القرن الرابع الهجري وقال بأنها -شجرة الكلهمة- تظل مائة رجل
. يقال أنها من أطول أشجار الأرض عمرًا. 

توجد عدة أساطير عن سبب نمو الشجرة بهذا الشكل الذي يجعلها تبدو مقلوبة. أحدها أن أحد آلهة الأغريق لم يعجبه نمو الباوباب في جنّته، فاقتلعها وقذفها إلى الأرض، فسقطت مقلوبة وواصلت حياتها بهذا الشكل. أما الأخرى فعن شغب الباوباب التي لم تمكث يومًا في مكانها، حيث كانت تتنقل أشجار الباوباب وتشاغب الأشجار، الشغب الذي أغضب الآلهة فأعادوها إلى أماكنها، وزرعوها مقلوبةً رؤوسها في الأرض حتى لا يعود لأرجلها المعلقة في السماء دور يساعدها على الهرب.


الجمعة، 20 مايو 2016

كناشة الأسبوع. -2-

(7)
مضى وقت طويل منذ آخر مرة أنهيتُ فيها مساقًا من المساقات التي أبدأ بدراستها على الإنترنت، لهذا فإنني فرحة اليوم بإنهاء مساق "Modern Art & Ideas" المُقدّم من متحف الفن الحديث (MOMA) عبر كورسيرا. استعرض المساق عدّة أعمال، تناولها بالتحليل، إضافة إلى مصادر ومقالات خارجيّة متعلّقة بها. المساق قصير وخفيف، لهذا استطعت أن أواصل معه حتى النهاية. (:
بورتريه شخصي بشعرٍ مقصوص، فريدا كالو.
1940م.
البورتريه الشخصي لفريدا كالو – Frida Kahlo؛ أحد الأعمال التي تناولها المساق، رسمته فريدا عام 1940م. بعد انفصالها عن زوجها الرسام دييغو ريفيرا الذي عادت إليه في السنة التالية. في هذا البورتريه تجلس فريدا مرتديةً طقم رجالي بألوان باهتة، نقيض ما ترتديه فريدا عادةً من أقمشة مورّدة وزاهية بألوانٍ مشرقة، بمقاسٍ كبير، يشبه أطقم ريفيرا، وفي يدٍ مقص وفي الأخرى خصلة شعر، وحولها خصلٌ من شعرها تغطّي أرضية الحجرة. فُسّرت هذه اللوحة بأنها تعبير فريدا عن حنينها إلى ريفيرا، إنّما عورض هذا التفسير بتفسير آخر يستند إلى الجزء الأعلى من اللوحة، حيث ذهب التفسير الآخر إلى أن اللوحة تعبّر عن استقلال فريدا عن ريفيرا، استقلالها عن فريدا محبوبة ريفيرا، وهي بيدها تتخلّص ممّا أحبها لأجله؛ شعرها، وربّما شعورها بمساواتها معه إذ ظهرت في زي مماثلٍ لزيّه. ماذا عن الشعر والمكتوب في أعلى اللوحة وعلاقته بهذا التفسير؟ كان ممّا يحبه ريفيرا في فريدا؛ شعرها. أما المكتوب في الأعلى، فوق النوتات الموسيقيّة فأغنية فلكلوريّة مكسيكيّة تقول حين ترجمتها:
"لتعلمي أنّني إن كنت قد أحببتكِ،
فمن أجل شعركِ،
أمّا الآن وأنتِ دونه،
فلم أعد أحبّكِ."
بحسب تعليق (MOMA) على البورتريه، فإن فريدا قد قصت شعرها بعد انفصالها عن ريفيرا بشهر، لكنني عندما بحثت عن صور فريدا في تلك الفترة لم أجد لها صورةً بشعرٍ قصير.
 
(8)
الأم المهاجرة - 1934م.
التقطتها: دورثي لانغ.
أيضًا من الأعمال التي تناولها المساق: "الأم المهاجرة – Migrant Mother". التقطت المصوّرة: دورثي لانغ – Dorthea Lange الصورة عام 1934م، في ذروة الكساد العظيم، إذ كانت الحكومة قد وظّفت دورثي لانغ لتصوير أثر الكساد على الناس. بعد أحد مهام العمل وفي طريقها إلى سان فرانسيسكو، مرّت دورثي بمخيّم نازحين من قاطفي البازلاء، تجاوزته، وبعد عشرين ميلًا عادت إليه، وهناك التقطت أشهر صورها.
تقول دورثي أنها رأت الأم وتوجّهت إليها كما لو أنها تساق بمغناطيس، كانت العائلة قد علمت للتوّ بأمر المحصول الذي أتلفه المطر، في مخيم يبقى الناس فيه دون عمل أو طعام. التقطت دورثي ستّة صور فقط، أرسلتها إلى المعمل في واشنطن، وخلال أيام ملأت الصحف، واجتذبت هذه الصورة تحديدًا الكثير من الانتباه. أعيد نشر الصورة كثيرًا وعُرضت في متحف الفن الحديث، ولا تزال هناك بعد عقود.

 
(9)
مما تطرق إليه المساق أيضًا، كولاج "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل. – Bringing The War Home: House Beautiful"، رأيت هنا أن أنقل معنى عنوان المجلّة "هاوس بيوتيفل (المنزل الجميل) – House Beautiful" خلاف التعامل عادةً مع أسماء الصحف والمجلات وما شابه، في عنوان العمل. في ذروة حرب فيتنام عام 1967م. تقول مارثا روزلر – Martha Rosler أن تساؤلها عن حال المواطن الأمريكي، كيف يستطيع أن يتفاعل مع صور ضحايا الحرب في لحظة ثم في التالية يتفاعل مع إعلان لأريكة مريحة كان وراء هذه السلسلة.
إحدى صور مجموعة "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل." (1967-1972م)
صنعت مارثا
السلسة الأولى من مونتاج "جلب الحرب إلى البيت: منزل جميل. (1967-1972م)" بجمع صور لضحايا الحرب الفيتناميّة من "مجلّة لايف – Life" وصور الديكور الداخلي من مجلّة "هاوس بيوتيفل – House Beautiful" تقوم الفكرة على نبذ تعرّض المتلقي لهذه المتناقضات في الوقت ذاته، دون أن يشعر بغرابة، غرابة أن يشاهد صور لمنازل مرفّهة وآمنة ورغِدة، في الوقت الذي تطلعه الأخبار على مستجدّات الحرب والدمار الذي تخلّفه، الوقت ذاته الذي تنشر فيه مجلة حياة صور الضحايا والمآسي التي حلت بالفيتناميين، كيف له أن يتنقل هنا وهناك، كيف يقضي وقته مع نقائض الحياة ويقلّبها في غرفة معيشته، إذ مع التقنية الحديثة والإعلام تصبح أخبار ومظاهر الحرب جوّالة تزور المنازل. تقول روزلر أنها لم تستهدف جمهور فنّي، عندما أنشأت هذه السلسة، إنما أرادت استهداف الشريحة الأكبر من الناس، ودّت أن يكون هذا الكولاج في متناول الأيدي، على سبيل الاعتراض، التحريض، لفت الانتباه إلى بشاعة ما يحدث، تأجيج الشعور المناهض للحرب. هذا التناقض في الصور المتدفقة التي تكون غالبًا في صفحات متقابلة محفّز للنفور بالنسبة لروزلر، للتساؤل، لإدراك أن ما يحدث لا يحدث في مكانٍ بعيد، ليس شأنًا نائيًا يمكن للإنسان عزل نفسه عنه، كل شيء متّصل وإن لم يبد كذلك من أول وهلة. هذا الكولاج نُشر في منشورات المعارضة في البدء قبل أن يستقر في المتاحف.
إحدى صور مجموعة "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل."
(2004م.)
أنتجت مارثا سلسلة جديدة في 2004م من "جلب الحرب إلى البيت: منزل جميل."، أثناء العدوان الأمريكي على العراق، مستخدمة ذات التقنيات التي صنعت بها مونتاجها الأول، رغم تطوّر تقنيات مونتاج ودمج الصور إلا أنها اختارت الطريقة التقليدية: القص واللصق. في سلسلتها الجديدة دمجت مارثا صور ضحايا العدوان مع أنماط الاستهلاك الجديدة، مع التركيز على صالات عرض الأزياء والعارضات بشكلٍ خاص. في 2007م ألقى هوارد زن محاضرة بنفس عنوان العمل بالتزامن مع معرضها الأول الذي عرضت فيه المجموعتين. هنا السلسلة الثانية.
 
(10)
بلا عنوان (العاشقان المثاليان) - فيليكس غونزاليس توريس.
1991م.
في الحقيقة مررت مؤخرًا بأعمالٍ عدّة، بفضل هذا المساق طبعًا، إمّا بالتعرف عليها لأنها عُرضت فيه أو لأنني بحثت عن أعمال عُرضت فبه ومنها تعرّفت إلى أعمالٍ أخرى. كم أود أن أشير إليها جميعها، لكنني لا أنوي أن أطيل كثيرًا، لهذا سأختم هذه التدوينة بعمل لم يلفتني في البدء وأنا أستعرض الأعمال التي ستتناولها المحاضرة، لكن الأمر اختلف بعد أن أدركت فكرته حين علّقت عليها المُحاضِرة. في عمل "بلا عنوان (العاشقان المثاليان) – Untitled (Perfect Lovers)" يضع فيليكس غونزاليس توريس – Felix Gonzalez-Torres ساعتين متطابقتين في الشكل والوقت بجانب بعضهما، ليستا بجانب بعضهما وحسب إنما متلامستان. تبدأ الساعتان العمل في الوقت ذاته، بتزامن، لكن مع الوقت ستتوقف إحداهما وتخل بهذا التزامن. هذه الاستعارة التي أراد أن يوصل بها طبيعة الارتباط، ما تفعله الحياة، أو ما يفعله الموت والمرض لشخصين مرتبطين. كان لتوريس عشيق، شُخِّص في 1991م بالإيدز وتوفي في ذات العام، من هنا جاء العمل، كما شُخَّص توريس نفسه بذات المرض وتوفي في 1996م.