الخميس، 9 يناير 2020

عن نسختي مسلسل «Ghostwriter» التعليمي للأطفال.


جربت تلفاز آبل+، اشتراك تجريبي شاهدت فيه البرنامج الصباحي ودكنسن، لم أفكّر بالتجديد إذ لم أرغب بمشاهدة شيء آخر، لكن غافلني التجديد التلقائي وجدّد قبل أن أنتبه وألغي، وصار لدي من دون رغبة اشتراك شهر في تلفاز آبل+، تصفّحت المكتبة مجددًا علّي أجد شيئًا أتابعه ما دام الاشتراك ساريًا، فوقعت عيني على «Ghostwriter» الذي ظننته فورًا يحيل إلى الكتابة الشبحيّة أو كتابة الظل في عالم التأليف، وقد تعجّبت قليلًا حين علمت أنها قانونيّة في معظم الدول، بالتحديد تلك التي يتلقى الكاتب الشبح الفكرة والخطوط العريضة للكتاب من الراغب في نشر كتاب غير أن المهارة تخذله، ويتولّى بعدها الشبح كل ما تبقى بما يقتضيه العقد بينهما، بل حتى ثمة وكلاء للكتاب الأشباح. من وجهة نظري يبدو هذا مقبولًا في كتابة السير أو المذكرات، لكنني لم أتقبّله بعد في بقية الأجناس الأدبيّة والأبحاث والمقالات وخلافه، أما عبث الكتابة الشبحيّة التي يقوم فيها الكاتب الشبح بكل شيء من الفكرة وحتى آخر نقطة في العمل وكل ما على المستفيد من الخدمة أن يضع اسمه على الغلاف وحسب فلا أدري عن تصنيفها في قوانين تلك البلدان.
حسنًا، لم يكن للمسلسل أدنى صلة بكل هذا، فهو ببساطة عن شبحٍ كاتب، يتواصل مع أربع أطفال عن طريق الكتابة. عرفت بعد البحث السريع في قوقل (أردت أن أستخدم مفردة "قوقلت [بصفتها فعل]/قوقلة [اسم]" لكنني لم أجد لنفسي مخرجًا.) عن هذا المسلسل الموجود في تلفاز آبل+ أنه إصدار جديد من مسلسل بنفس الاسم بثته بي بي سي وقد أنتج من عام ١٩٩٢م وحتى ١٩٩٥م حين توقف بسبب نقص في التمويل المالي. في النسختين يستهدف اليافعين من طلاب المرحلة المتوسّطة أو الإعداديّة، يهدف المسلسل حين أنتج أول مرة إلى تعليم اليافعين مهارات واستراتيجيّات القراءة والكتابة وكيفيّة توظيفها، ليس المسلسل تعليميًا بشكلٍ مباشر، لكنه يضمن هذه الأشياء لحل المعضلات التي تواجههم أثناء تطوّر القصة، فثمة مهارات التلخيص والترميز والقراءة السريعة وكتابة المسوّدات ومراجعتها وكيفية تحسين المسوّدة بالحذف والتعديل والإضافة وخلافه، الترميز ومعلومات عامة عن اللغة وأبنيتها، أعتقد أنه ملائم لمتعلمي اللغة الإنجليزيّة المتفوّقين في المرحلة المتوسطة، تحديدًا الصف الثاني والثالث المتوسط (يمكنني القول بملاءمته لدارسي مناهج سلسلة Macmillan وسلسلة McGraw Hill في السعوديّة). لا يوجد مترجمًا بحسب إطلاعي لكن لغته واضحة لن يحتاجوا معها إلا لبعض المساعدة. شاهدت بعض الحلقات المتفرّقة، بدت القصة مشوّقة وربّما تجد استحسانًا لدى الفئة العمريّة المستهدفة. منتجو وكتاب المسلسل هم من أنتجوا «شارع سمسم» الذي اقتبس منه مسلسل الأطفال العربي الرائع الشهير «افتح يا سمسم»، وهم من أعادوا الآن إنتاجه. في النسخة الأولى ثمة شبح فاقد للذاكرة، قدرته على التواصل محدودة بالأحرف المتوفّرة على أي سطح أمامه، لهذا يستطيع التعبير بأريحيّة من خلال الحاسب الآلي إذ تتيح له لوحة المفاتيح كافة الأحرف، وهناك حيث تواصل معهم أول مرة. في لقاء أجراه الكاتب عام ٢٠١٠ قال أن هويّة الشبح كانت ستُكشف في إحدى الحلقات، لكن لم يسعفهم توقف المسلسل لهذا، وهي على كل حال مستلهمة من أحد الفارّين من الاستعباد في الحرب الأهليّة، كان يعلّم أطفال المستعبدين القراءة والكتابة خلسة، وقد قتله أحد مطارديه، فاختبأت روحه في كتاب كان بحوزته، وهكذا تحرّر في الحلقة الأولى من المسلسل حين وقع كتاب متوارث في قبو عائلة الفتى الأسود مفتوحًا فتحرّرت هذه الروح الشبح وهكذا تبدأ مجريات المسلسل إذ يحثهم هذا الشبح على تتبع بعض المعضلات والقضايا في محيطهم وحلّها بمساعدته واعتمادًا على توظيف مهارات القراءة والكتابة. مواسم المسلسل الثلاثة موجودة على يوتيوب، وهذه قائمة تشغيل تضم كل الحلقات.


في النسخة الحديثة التي تعرض على تلفاز آبل+، عاد المسلسل بفكرة مستحدثة تتمحور حول أهمية الأدب والتفاعل معه، عبر تعريف المشاهد بكلاسيكيّات أدب الأطفال مثل «أليس في بلاد العجائب» و«كتاب الأدغال» إضافة إلى أدب الأطفال المعاصر، حتى الآن تناول المسلسل عملًا واحدًا من الأدب المعاصر وقد كتب خصيصًا من أجل المسلسل. الجدير بالذكر أنه بالتزامن مع عرض الحلقات تباع إصدارات من هذه الأعمال متوافقة مع مجريات الحلقات، تتضمن ألغازًا وألعابًا واستراتيجيّات قراءة ومسارد مفردات مصاحبة للقصة. في هذه النسخة يطلق شبح مكتبة الحي شخصيّات القصص فتغادر الكتب لتتداخل مع حيوات الأطفال وتسبب لهم بعض المتاعب إلى أن يعيدوها إلى أوعيتها بالتفاعل مع حكاياتها وحل بعض المشكلات القائمة. أحببت هذه النسخة الحديثة، تابعت كل حلقاتها الموجودة حتى الآن (سبع حلقات) وأتطلّع للحلقات القادمة. استأت قليلًا من جهلي حين لم أتبيّن من أي كتاب خرجت الشخصيات في الحلقتين السادسة والسابعة، وإذ بي لم أسمع به من قبل حين كشفوا عنه، ليس إلمامًا بكل ما يصدر، لكنني توقعت أن يكون تخمينه سهلًا ما دام يستهدف الأطفال واليافعين، بحثت عن الكتاب وإذ به قد أُلِّف خصيصًا من أجل المسلسل فحل ارتياح مكان الاستياء. ثمة مسلسل آخر أيضًا «Helpster» من إنتاج ورشة سمسم «Sesame Workshop» وآبل للأطفال في سن ما قبل المدرسة متوفّر على تلفاز آبل+ وجميعها بترجمة عربيّة.
بالحديث عن برامج الأطفال التعليميّة، جدير أن نذكر العربيّة منها والتي نلت منها الفائدة في صغري وتلك التي عرفتها لاحقًا: «مدينة المعلومات» و «افتح يا سمسم» و«المناهل -هنا قائمته على يوتيوب-» و«دمتم سالمين»، وبرنامج آخر لا يحضرني اسمه ولم أستطع معرفته لكن به فقرة «نادي اللغة العربيّة» يتطرقون فيه إلى النحو والصرف كان يعرض وقت الأصيل على القناة السعوديّة الأولى، سأسرّ إن زودني أحد باسمه، وبرنامج لتعليم الرسم يعرض وقت الظهيرة على القناة السعوديّة الثانيّة كلاهما في بداية الألفيّة. ثمة أيضًا المسلسل الياباني المدبلج الرائع «ينابيع المعرفة» وعبارته الشهيرة: «هيّا بنا كوميسان، هيّا لنعرف الحقيقة.» ومثيله أيضًا «اسألوا لبيبة». لا أعرف برامج ومسلسلات الأطفال الحاليّة، وأي القنوات جيد، لكن يبدو أن قناة جيم تؤدي عملًا حسنًا -شاهدت لهم الأمير الصغير وهو متوفّر على يوتيوب هنا- وهي خطوة جيّدة في التعريف بأدب الأطفال. سأسرّ أيضًا إن أضيفت في الردود اقتراحات لبرامج أطفال ملائمة لمختلف الأعمار تضاف لهذه التدوينة.


قبل أن أغادر، أريد أن أقول شيئًا عن مسلسل دكنسن، وهو مسلسل كوميدي عصري في لغته مستلهم من حياة الشاعرة الأميركيّة إيميلي دكنسن، يفتقر في تفاصيله للدقة التاريخيّة لكن بعض خطوطه العريضة فيها شيء من الدقّة، وهو مشوّق وخفيف بالرغم من هذا. أنتج منه حتى الآن موسم واحد. فيه طيف قتامة يتعلق بشخصيّة عملت عند والدها، لا أريد أن أفسد على من لم يشاهد بعد، لكن العلاقة بينهما ليست كما ظهرت في المسلسل. شعرت بالأسى من أجل إيميلي إلى حد أنني حين انتهيت منه رحت أبحث لأتأكد من صحّتها.