الاثنين، 18 مارس 2013

بصفةٍ ما، أنا كاتبة.



في كورس English Composition I الذي يُقدّم الآن في موقع كورسيرا، استهلّت المُحاضِرة بمسألة تفكير الطالب حيال نفسه ككاتب. ما دُمت تكتب رسائل، إيميلات، تغريدات، ملاحظات، يوميّات ... إلخ فأنت كاتب. وفي إحصائية شارك فيها 2245 طالب وتتيح الاختيار المتعدّد –العدد والنِّسب حتى لحظة كتابة التدوينة- كانت النسبة الأعلى لكتابة الإيميلات (97%) وكنت أعتقد أنها ستكون الكتابة الأقل حظًا. أعتقد أنني وعلى مر سنواتٍ خمس من استخدام الإنترنت لم أتجاوز 100 إيميل، بينما يفوق البقيّة هذا العدد. 

تقول المُحاضرة أنها كانت تعتقد بأن "كاتب" يُطلق على من يكتب قصةً أو روايةً أو مقالًا. كنت في السابق أيضًا أحمل ذات الفكرة، لكن لاحظت ميّزت أنواع مُتعدّدة من الكتابة أدركت حينها خطأ حكر مصطلح كاتب على فئة قليلة، وهنا أقصد صفة "كاتب" مُجرّدة، لا كسبيل للمديح، فقد يكون الكاتب رديئًا، ليس بالضرورة كل كاتب جيّد.

إحدى الأفكار التي طرحتها المُحاضِرة، وضع تاريخك الكتابي –إن صح التعبير- أو تاريخك مع الكتابة. واقترحت وضع خط زمني يبدأ بالماضي ويقف عند الآن وعليه صور تقريبيّة لما أنجزته من مواضيع، علامات مميِّزة لتاريخك. فكّرت في وضع خط زمني لي لكن بدايته السيئة تمنعني، فأول ما كتبته حين أنهيت الابتدائية وفي عطلة الصيف كان قصة عن الصراصير. كانت القصة تدور حول صراصير اختطفت فتاة وحبستها، كانت الصراصير أكبر مخاوفي، الآن كبرت ولم تعد أكبرها، لكنها منها. قصتي هذه من عشرين صفحة –تقريبًا- وعرضتها على أخواتي وقتها ولا أذكر ردة فعلهن لكن أشعر الآن أنهن إن لم يكنّ قد سخرن أمامي فقد أضمرن الكثير من السخرية. 

الكتابة الأخرى التي أذكرها كشيء له وزنه، حين كنت في الثانويّة، حين كتبت مقالًا عن تسيّب المدرسة وإدارة التعليم في توزيع الكتب الدراسية، أمضينا وقتها شهرًا بلا كتب وطالبتنا المعلمات بتصوير الكتب من طالبات المدارس الأخرى. نشرت المقال الذي كان بالنسبة لي علامة تحوّل مهمة، بعد أن صرت شخصًا مُطاردًا بسبب هذا المقال، الذي صار لاحقًا "أسباب نحسي" في المدرسة وعلى مستوى شخصي، بعد أسبوع وصلت الكتب مع عتاب يحمل نبرة "المدرسة بيتكم يا طالبات، لا تنشروا مشاكله للملأ، عيب. وخلونا نتفاهم مع بعض."

بعدها، كتبت سيناريو لمسرحية حول الأصمعي وأبو جعفر المنصور وقصيدة صوت صفير البلبلِ التي قُدِّمت على مسرح المدرسة في يوم اللغة العربيّة، وكان لي دور الأصمعي وألقيت القصيدة التي حتى الآن أخجل من تذكّرها. أمضيت الوقت كله بلثام كاد أن يُغطّي عينيّ، لأنني لا أُريد من الطالبات أن يُميّزنني، الأمر الذي حدث بسهولة. 

ثم في الصف الثالث الثانوي، في مسابقة للقصّة القصيرة حصلت على المركز الأولى عن قصة أفسدتها المسؤولة بتغييرات حين نشرتها في مجلّة المدرسة وبعد أن استوضحت منها الأمر قالت "كذا أجمل، غيّرتها لشيء يُقنعني." بدءًا بالعنوان وانتهاءً بآخر جملة، قد عبثت به وغضبت، وأغضبني الشهادة التي حصلت عليها في هذه المناسبة، حين كُتب "تشكر المدرسة الطالبة على تفوّقها في مواد اللغة العربيّة."

من بعد ما تخرّجت من الثانويّة أحسب كل ما صنعته ينتمي لزمن "الآن" الآن الذي لا أُحب التحدّث عنه، بل وأخجل من ذلك كثيرًا. ولسببٍ بسيط أتحدّث عن ما أعتبره منتميًا لزمن السابق، هو أنني أشعر بانفصالي عن الشخص الذي كنته، إلى حد يجعلني أتحدث عنه بكل سلاسة كما لو أنني يومًا لم أكن فيه هو.

عن الكورس: يتناول الكورس عملية الكتابة، وبشكل مستفيض الكتابة الأكاديميّة، يقدم تقنيات وأساليب ونصائح من أجل كتابة مُتقنة.