الاثنين، 20 أكتوبر 2014

اشرع في الكتابة القصصيّة. -1-


أترجم في هذه السلسلة "اشرع في الكتابة القصصيّة" مجموعة من المقابلات القصيرة التي أُجريت مع مجموعة من الكُتّاب الذين حققوا أرقام مبيعات عالية لكتبهم، من أجل منهج من مناهج الكتابة الإبداعية في "أوﭙن يونڤيرستي"، ولأنها مقابلات صوتيّة، ترجمتها بتصرف حتى تظهر أكثر ضبطًا كنص مكتوب. في كل حلقة يتناول الكُتّاب الحديث عن موضوع واحد.

 (1)

- الشروع في عمليّة الكتابة.


·         أليكس غارلاند:

شغفت حقًا بالكتابة، من خلال رسم المجلات المصوّرة. والدي رسّام كارتوني، نشأت وحولي كتب القصص المصوّرة، كنت أقرأها دائمًا، ووالدي يرسم، ولذلك، طفلًا كنت أستنسخ والدي، فأرسم. دائمًا ما اعتقدت أن هذه هي الطريقة التي سأكسب عيشي بواسطتها. عند لحظةٍ معيّنة، أظنها قرابة الحادية والعشرين، حدث أمران. الأول أنني بدأت في إدراك أنني لستُ جيدًا في الرسم بالدرجة التي أحتاجها في سبيل تحقيق النجاح. كما بدأت أشعر بالإحباط، أعتقد بسبب المدة الطويلة التي أستغرقها لأقص قصّة. حيث تكتبها، ثم ترسمها، وهذا الرسم الذي لم يكن بتلك الجودة يستغرق وقتًا طويلًا. أخيرًا، الشيء الذي فعلته: أنني  تجنبت الصور، في المقام الأول، ومضيت مع الكلمات. 


·         تيم ﭙيرز:

دائمًا ما أردت أن أكون كاتبًا، منذ أن كنت صغيرًا جدًا، أعتقد أن هذا ناتج عن كوني طفل تعيس بعض الشيء. في كتابي الثاني: "في أرض الوفرة – In a Land of Plenty"، الشخصية الرئيسية هي الابن الأوسط لعائلة فريمان التي يتحدث عنها الكتاب، تبدو الشخصيّة كما لو تمثل جزءًا من سيرتي الذاتية. إنّه مصوّر، يلتقط الصور في محاولة لفهم العالم عبر النظر من خلال عدسات الكاميرا، هذا من ناحية. من ناحيةٍ أخرى، ليكون لديه ما يختبئ خلفه. وأعتقد حقًا أن الكتابة بالنسبة لي كذلك، أو قد كانت كذلك. الحياة والناس والبالغين والعالم قد جعلوني في حيرة، لهذا صرتُ كاتبًا، كانت الكتابة محاولة لفهم كل هذا، لكنها في الوقت ذاته شيء أختبئ خلفه. 


·         عبد الرزاق غورنه:

"لماذا؟" لستُ متأكدًا، أعتقد أن السبب أحد هذه الأشياء التي تحدث أثناء عملك لشيءٍ ما، لكن "كيف" يُشبه هذا التعثر بالأمر أكثر من أن يكون لديك شيء من الطموح له في عمر معيّن؛ أكثر من أن تقول: "أنا أعرف ما أنا بصدد فعله.". إنه الشروع في الكتابة أكثر من كونه رغبة الكتابة. كانت البداية بالنسبة لي حين قدمت إلى إنجلترا، أعني أنني قد اعتدتُ على الكتابة قبل هذا، كما في المدرسة، أكتب تلك الأشياء الغريبة، كانت مجرد نوع من اللهو، تقوم به من أجل أصدقائك وما إلى ذلك. ليس ما نعنيه حين نقول "كاتب". لكنه وبعد المجيء إلى إنجلترا، والتفكير فيما يعنيه ترك الوطن، الأشخاص الذين أعرف، المجيء إلى هنا والتعاطي مع الأمور التي تحدث والتي لم تكن كلها لطيفة. أثناء عملية التفكير هذه حول الأشياء واستيعاب موقعي وعلاقتي مع المكان الذي أعيش فيه، بدأت في كتابة أشياء، مجرد أشياء، وبعد فترة كما تعلمون تبدأ بالتفكير؛ "حسنًا، هل يمكنني أن أفعل شيئًا بها؟" وتدريجيًا تلاحظ أن لديك ما يتطوّر، فتتهوّر وتقول: "يمكنني أن أكتب كتابًا!" في الواقع، هكذا بدأ الأمر. 


·         مونيك روفي:

أعتقد أن الكتابة نوع من الإدراك. لقد كتبت منذ سن مبكرة للغاية، حتى عندما كنت طفلة، وبالطريقة التي قد يكون بها البعض بطبيعتهم موسيقيين، أو مهتمين بالحشرات، أو جيدين في التنس، مجانين قطار، أو أي أمر يستهويهم، أعني أنه من وقت مبكر جدًا كتبت يوميّات ومذكرات، أظن أن الأمر تطوّر فحسب. عملت صحفية لفترة، أثناءها، كما تعلمون، كنت دائمًا ما أكتب أشياء أخرى؛ سيناريو، أو نص كوميدي، أو نصوص تلفزيونيّة. أخيرًا، أعتقد أنه في الوقت الذي يصير فيه الشخص كبيرًا بما يكفي، ويريد أن يأخذ نفسه بجديّة أكبر، قد استيقظت في أحد الأيام وقلت فورًا أنني سأخطو خطوتي التالية: سأكتب رواية، سأنطلق. إذن، الكتابة أمر لطالما قمت به، لم يكن هنالك قرار واعي بخصوصه مطلقًا. 


·         لوي دي برنير:

لقد عرفت دائمًا أنني سأكون كاتبًا. والدي يكتب الشعر، لذلك، في منزلنا، من الطبيعي نوعًا ما أن أرغب الكتابة، وعرفت هذا من وقت مبكر للغاية، من عمر الثانية عشر تقريبًا. لقد كان لدي عدد من أساتذة اللغة الإنجليزيّة الرائعين، أفكّر حيال ثلاثة منهم، معًا، إنهم مرشدون، إنهم إلهام جليّ. لاحقًا، خلال سنين المراهقة كتبت الشعر، غالبًا قصائد الحب الصبيانيّة المخجلة التي يكتبها أحدنا، من نوع: "لماذا لا تحبيني؟ وسأقتل نفسي." وما إلى ذلك. ثم وفي عشرينيّاتي، نسيت حقيقةً أنني سأصير كاتبًا، لأنني اعتقدت أنني سأصير نجم روك، وكتبت أغانٍ وأشياء متعلّقة بديلة، لكنني استمريت في الكتابة من وقت لآخر. وعندما صرت في الخامسة والثلاثين، وقع حادث دراجة لي جعلني في الجبس لستة أشهر، خلال هذا الوقت لم أتمكن من الخروج كثيرًا في الحقيقة، لهذا كتبت روايتي الأولى كي أرفّه عن نفسي. 



-        طقوس الكتابة.

* ميشيل روبرتس:

عندما كنت أتخبّط وأتبرّم وأُصارع، في الأشهر الستة الأولى، كنت أكتب كثيرًا، أكتب بشكلٍ هوسي في دفتري، أكتب أفكارًا خائبة لا فائدة منها. أكتب في يوميّاتي تدوينات حول عدم قدرتي على الكتابة، عن كوني فاشلة تمامًا، عن الصمت وحبسة الكاتب. أكتب عن أي شيء يخطر في بالي، لأن الممارسة هي ما أقوم به، أحرّر اللاوعي، أتيح للّغة أن تشرع في الرقص، أعتقد أن الأمر أقرب للجنون ممّا أصف، لكن لا يهم. أعرف جنونًا تحتويه غرفتي، جنونٌ ستنبجس منه رواية، يمكنني أن أتدبر هذا.

لا أريد أن أُضايق أو أن أرعب أحدًا بقول: "عليك أن تصاب بانهيار عصبي لتكتب." لا يتعلق الأمر بهذا، إنما يتعلق بالهبوط إلى مستوى أدنى من اللغة اليوميّة، اللغة التي ندردش بها مع بعضنا. الهبوط إلى مستوى اللاوعي، حيث اللغة أشد صخبًا وتحرّرًا. أفكّر كما لو أنك في خلية نحل، حولك كل هذا الطنين والجلبة، عليك أن تكون هناك. 


·         مونيك روفي:

عندما كتبت "شمس كاذبة – Sun Dog" كنت قد قرأت سابقًا عن فكرة كتابة صفحات صباحية. كانت من دورثي براند. لديها هذا الاعتقاد أن الكتابة الصباحية تساعد في تسخير اللاوعي، أن الكتابة قبل فعل أي شيء آخر طريقة عظيمة في تسخير اللاوعي، حيث تنطلق دون وعي. اقتنعت بالفكرة، ولذلك كتبت أغلب "شمس كاذبة" هكذا. أستيقظ، أذهب مباشرة إلى الحاسوب، بأسنانٍ لزجة ونفسٍ كريه وعيونٍ رمصاء، لم أتوقف للقهوة ولا أي شيء آخر. أكتب لساعة أو اثنتين فحسب في هذه الحالة، ببيجامتي، لا أوضّب سريري حتى. لقد كانت سلسلة طقوس وخرافات، لكنني أذهب مباشرةً من السرير إلى معالج النصوص، وأشرع في الكتابة. وهكذا، فعليًا، كتبت يوميًا لسنة أو اثنتين. 


·         أليكس غارلاند:

أميل إلى العمل، بشكلٍ أساسي، في وقت متأخر من الليل. أعتقد أن هذا ناتج عن عيشي مع والدتي، بعد العاشرة أو العاشرة والنصف، حين يكون المكان هادئًا؛ أنهي العمل. لكنها أصبحت عادة علقت معها، أعتقد أنه وقت جيد للكتابة بشكلٍ عام. على الرغم من أنني قد التقيت ببعض الكتّاب الآخرين، تحدّثت إليهم، يبدو مثيرًا للغاية كم يميل العديد منهم إلى الصباح الباكر. أعتقد أن الجميع يسعون للأمر ذاته؛ للهدوء بشكلٍ أساسي. حينها تكون أقل عرضة للإزعاج أو المقاطعة، تميل إلى أن تكون متطلِّبًا إلى حدٍ ما. أقول ربما لأن وقت العمل إما متأخرًا في الليل أو مبكرًا في الصباح يبدو قريبًا من وقت الأحلام، إما وقت بدء الحلم أو الفراغ منه، أعتقد أن هذا القرب من وقت عمل اللاوعي أو الشيء الذي يحدث في مؤخرة الرأس قد يساعد على الكتابة، وأعتقد أنه بالنظر إلى ما كُتب يوجد غالبًا بعض الغرابة، ضرب من الهلوسة، الأمر الذي يبدو أن له علاقة جزئيّة بوقت الكتابة هذا.