بسم
الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ
انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" .
نهي
الله في هذه الآية عن قول "راعنا" لأن كلمة "رع" في اليهوديّة
شتيمة وتعني سيئ، وكلمة "راعنا" أي "سيئنا أو أسوأ شخص فينا"
وكان اليهود يصفون به النبي عليه الصلاة والسلام –كرم صلى الله عليه وسلم عن هذا
الوصف- فجاء النهي للمسلمين عن قول هذا الكلمة -والتي تأتي في العربية من المراعاة
والتلطف- إذا أنها كانت تجري مجرى سب وشتم عند اليهود وصاروا يستترون بمعناها
العربي. وقد ورد في لسان العرب عن هذا الوجه مايلي - وله أوجه أخرى في لسان العرب ومصادر أخرى
لم تُقنعني إذ جعلت بعضها الكلمة "راعنًا" بالتنوين مشتقة من الرعونة وغير
ذلك- :
إن راعنا كلمة كانت تُجْرَى
مُجْرَى الهُزءِ، فنهي المسلمون أَن يلفظوا بها بحضرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وذلك
أَن اليهود لعنهم الله كانوا اغتنموها فكانوا يسبون بها النبي، صلى الله عليه وسلم،
في نفوسهم ويتسترون من ذلك بظاهر المُراعاة منها، فأُمروا أَن يخاطبوه بالتعزيز والتوقير،
وقيل لهم: لا تقولوا راعنا، كما يقول بعضكم لبعض، وقولوا انظرنا.
في
رمضان الماضي كنت أقرأ رواية ظل الأفعى ليوسف زيدان، وجاء في أحد فقرات الرواية –رسالة
من الأم لابنتها- استنكارًا لتسمية الأب بالولد، إذ جاء:
"- اسمعي كلام زوجكِ، هو والد الطفل الذي في بطنكِ.
- إنما أنا
الوالدة. الرجل لا يلد، ولا يصح وصفه بالوالد."
عندما
قرأتها استنكرت كما استنكرت الأم، ولم يُعجبني أن يُطلق على الأب بمفرده
"الوالد" إنما لا مُشكلة أن يسمّى الأم والأب بالوالدين، واستحضرت
"المولود له" للدلالة على الأب التي وردت في القرآن وفي نفس السياق
ذُكرت الأم بالوالدة في قوله تعالى: " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ
أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ
وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ"
شرعت في البحث عن استخدام المفردة، فتوجّهت إلى
القرآن –كأهم مصدر من مصادر اللغة العربيّة-، وفي أحد المواقع التي تُتيح خاصية البحث في القرآن كتبت "والد" لأجد أنها لم تُشر إلى
الأب بمفرده. إذا جاء الجذر إما في الإشارة للأم والأب "الوالدين، الوالدان
...إلخ" أو مُشيرةً للأم فقط: "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي
عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ" وَ "وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا". إنما وردت مفردة
"والد" في موضعين وهي كما بدت لي عامّة لا تختصّ بالأب. " يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن
وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ
فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ" وَ " لا
أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ 1 وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ 2 وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
3"
وهذا الأمر ليس بجديد –مسألة كون الإشارة للأب في القرآن أتت بالمولود له- لكنّني تنبّهت له قريبًا.