الجمعة، 20 مايو 2016

كناشة الأسبوع. -2-

(7)
مضى وقت طويل منذ آخر مرة أنهيتُ فيها مساقًا من المساقات التي أبدأ بدراستها على الإنترنت، لهذا فإنني فرحة اليوم بإنهاء مساق "Modern Art & Ideas" المُقدّم من متحف الفن الحديث (MOMA) عبر كورسيرا. استعرض المساق عدّة أعمال، تناولها بالتحليل، إضافة إلى مصادر ومقالات خارجيّة متعلّقة بها. المساق قصير وخفيف، لهذا استطعت أن أواصل معه حتى النهاية. (:
بورتريه شخصي بشعرٍ مقصوص، فريدا كالو.
1940م.
البورتريه الشخصي لفريدا كالو – Frida Kahlo؛ أحد الأعمال التي تناولها المساق، رسمته فريدا عام 1940م. بعد انفصالها عن زوجها الرسام دييغو ريفيرا الذي عادت إليه في السنة التالية. في هذا البورتريه تجلس فريدا مرتديةً طقم رجالي بألوان باهتة، نقيض ما ترتديه فريدا عادةً من أقمشة مورّدة وزاهية بألوانٍ مشرقة، بمقاسٍ كبير، يشبه أطقم ريفيرا، وفي يدٍ مقص وفي الأخرى خصلة شعر، وحولها خصلٌ من شعرها تغطّي أرضية الحجرة. فُسّرت هذه اللوحة بأنها تعبير فريدا عن حنينها إلى ريفيرا، إنّما عورض هذا التفسير بتفسير آخر يستند إلى الجزء الأعلى من اللوحة، حيث ذهب التفسير الآخر إلى أن اللوحة تعبّر عن استقلال فريدا عن ريفيرا، استقلالها عن فريدا محبوبة ريفيرا، وهي بيدها تتخلّص ممّا أحبها لأجله؛ شعرها، وربّما شعورها بمساواتها معه إذ ظهرت في زي مماثلٍ لزيّه. ماذا عن الشعر والمكتوب في أعلى اللوحة وعلاقته بهذا التفسير؟ كان ممّا يحبه ريفيرا في فريدا؛ شعرها. أما المكتوب في الأعلى، فوق النوتات الموسيقيّة فأغنية فلكلوريّة مكسيكيّة تقول حين ترجمتها:
"لتعلمي أنّني إن كنت قد أحببتكِ،
فمن أجل شعركِ،
أمّا الآن وأنتِ دونه،
فلم أعد أحبّكِ."
بحسب تعليق (MOMA) على البورتريه، فإن فريدا قد قصت شعرها بعد انفصالها عن ريفيرا بشهر، لكنني عندما بحثت عن صور فريدا في تلك الفترة لم أجد لها صورةً بشعرٍ قصير.
 
(8)
الأم المهاجرة - 1934م.
التقطتها: دورثي لانغ.
أيضًا من الأعمال التي تناولها المساق: "الأم المهاجرة – Migrant Mother". التقطت المصوّرة: دورثي لانغ – Dorthea Lange الصورة عام 1934م، في ذروة الكساد العظيم، إذ كانت الحكومة قد وظّفت دورثي لانغ لتصوير أثر الكساد على الناس. بعد أحد مهام العمل وفي طريقها إلى سان فرانسيسكو، مرّت دورثي بمخيّم نازحين من قاطفي البازلاء، تجاوزته، وبعد عشرين ميلًا عادت إليه، وهناك التقطت أشهر صورها.
تقول دورثي أنها رأت الأم وتوجّهت إليها كما لو أنها تساق بمغناطيس، كانت العائلة قد علمت للتوّ بأمر المحصول الذي أتلفه المطر، في مخيم يبقى الناس فيه دون عمل أو طعام. التقطت دورثي ستّة صور فقط، أرسلتها إلى المعمل في واشنطن، وخلال أيام ملأت الصحف، واجتذبت هذه الصورة تحديدًا الكثير من الانتباه. أعيد نشر الصورة كثيرًا وعُرضت في متحف الفن الحديث، ولا تزال هناك بعد عقود.

 
(9)
مما تطرق إليه المساق أيضًا، كولاج "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل. – Bringing The War Home: House Beautiful"، رأيت هنا أن أنقل معنى عنوان المجلّة "هاوس بيوتيفل (المنزل الجميل) – House Beautiful" خلاف التعامل عادةً مع أسماء الصحف والمجلات وما شابه، في عنوان العمل. في ذروة حرب فيتنام عام 1967م. تقول مارثا روزلر – Martha Rosler أن تساؤلها عن حال المواطن الأمريكي، كيف يستطيع أن يتفاعل مع صور ضحايا الحرب في لحظة ثم في التالية يتفاعل مع إعلان لأريكة مريحة كان وراء هذه السلسلة.
إحدى صور مجموعة "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل." (1967-1972م)
صنعت مارثا
السلسة الأولى من مونتاج "جلب الحرب إلى البيت: منزل جميل. (1967-1972م)" بجمع صور لضحايا الحرب الفيتناميّة من "مجلّة لايف – Life" وصور الديكور الداخلي من مجلّة "هاوس بيوتيفل – House Beautiful" تقوم الفكرة على نبذ تعرّض المتلقي لهذه المتناقضات في الوقت ذاته، دون أن يشعر بغرابة، غرابة أن يشاهد صور لمنازل مرفّهة وآمنة ورغِدة، في الوقت الذي تطلعه الأخبار على مستجدّات الحرب والدمار الذي تخلّفه، الوقت ذاته الذي تنشر فيه مجلة حياة صور الضحايا والمآسي التي حلت بالفيتناميين، كيف له أن يتنقل هنا وهناك، كيف يقضي وقته مع نقائض الحياة ويقلّبها في غرفة معيشته، إذ مع التقنية الحديثة والإعلام تصبح أخبار ومظاهر الحرب جوّالة تزور المنازل. تقول روزلر أنها لم تستهدف جمهور فنّي، عندما أنشأت هذه السلسة، إنما أرادت استهداف الشريحة الأكبر من الناس، ودّت أن يكون هذا الكولاج في متناول الأيدي، على سبيل الاعتراض، التحريض، لفت الانتباه إلى بشاعة ما يحدث، تأجيج الشعور المناهض للحرب. هذا التناقض في الصور المتدفقة التي تكون غالبًا في صفحات متقابلة محفّز للنفور بالنسبة لروزلر، للتساؤل، لإدراك أن ما يحدث لا يحدث في مكانٍ بعيد، ليس شأنًا نائيًا يمكن للإنسان عزل نفسه عنه، كل شيء متّصل وإن لم يبد كذلك من أول وهلة. هذا الكولاج نُشر في منشورات المعارضة في البدء قبل أن يستقر في المتاحف.
إحدى صور مجموعة "جلب الحرب إلى البيت: المنزل الجميل."
(2004م.)
أنتجت مارثا سلسلة جديدة في 2004م من "جلب الحرب إلى البيت: منزل جميل."، أثناء العدوان الأمريكي على العراق، مستخدمة ذات التقنيات التي صنعت بها مونتاجها الأول، رغم تطوّر تقنيات مونتاج ودمج الصور إلا أنها اختارت الطريقة التقليدية: القص واللصق. في سلسلتها الجديدة دمجت مارثا صور ضحايا العدوان مع أنماط الاستهلاك الجديدة، مع التركيز على صالات عرض الأزياء والعارضات بشكلٍ خاص. في 2007م ألقى هوارد زن محاضرة بنفس عنوان العمل بالتزامن مع معرضها الأول الذي عرضت فيه المجموعتين. هنا السلسلة الثانية.
 
(10)
بلا عنوان (العاشقان المثاليان) - فيليكس غونزاليس توريس.
1991م.
في الحقيقة مررت مؤخرًا بأعمالٍ عدّة، بفضل هذا المساق طبعًا، إمّا بالتعرف عليها لأنها عُرضت فيه أو لأنني بحثت عن أعمال عُرضت فبه ومنها تعرّفت إلى أعمالٍ أخرى. كم أود أن أشير إليها جميعها، لكنني لا أنوي أن أطيل كثيرًا، لهذا سأختم هذه التدوينة بعمل لم يلفتني في البدء وأنا أستعرض الأعمال التي ستتناولها المحاضرة، لكن الأمر اختلف بعد أن أدركت فكرته حين علّقت عليها المُحاضِرة. في عمل "بلا عنوان (العاشقان المثاليان) – Untitled (Perfect Lovers)" يضع فيليكس غونزاليس توريس – Felix Gonzalez-Torres ساعتين متطابقتين في الشكل والوقت بجانب بعضهما، ليستا بجانب بعضهما وحسب إنما متلامستان. تبدأ الساعتان العمل في الوقت ذاته، بتزامن، لكن مع الوقت ستتوقف إحداهما وتخل بهذا التزامن. هذه الاستعارة التي أراد أن يوصل بها طبيعة الارتباط، ما تفعله الحياة، أو ما يفعله الموت والمرض لشخصين مرتبطين. كان لتوريس عشيق، شُخِّص في 1991م بالإيدز وتوفي في ذات العام، من هنا جاء العمل، كما شُخَّص توريس نفسه بذات المرض وتوفي في 1996م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق