جون ستاينبك (1902 - 1968). |
في
الثلاثينيّات من عمره، واجه الكاتب الأمريكي جون ستاينبك تدهورًا في صداقته مع الكاتب
الشاب جورج ألبي، التدهور الذي سبّبته بحسب ستاينبك غيرة ألبي المهنيّة. وصل الأمر
إلى ذروته في عام 1938م. حين اتّهمت إحدى السيدات ستاينبك بتسبّبه في حملها، الاتهام
الذي بدا زيفه لاحقًا ورغم هذا وجد ستاينبك نفسه في دوامة قال بأنها أشد الأوقات صعوبةً
في حياته. في تلك الأثناء التي كان فيها ستاينبك بحاجة إلى مؤازرة أصدقائه وأحبائه،
علِم أن صديقه، جورج ألبي، كان يتحدّث عنه بسوء أمام الآخرين بدلًا من أن يذود
عنه. آذت هذه الخيانة ستاينبك بعمق، فنأى بنفسه وابتعد عن ألبي وفترت علاقتهما،
شعر ألبي بهذا فأخبر ستاينبك بشكوكه حول وجود مشكلةٍ ما وألح لمعرفة السبب، فكتب
له ستاينبك هذه الرسالة التي أعرض ترجمتها:
عزيزي جورج:لشكّكَ سببٌ يسوّغه. لقد مررت بوقتٍ صعبٍ وبغيض، لم يكن هنالك أي شيءجيّد حياله. في هذا الوقت، آزرني أصدقائي، كل أصدقائي إلا أنت. في كل مرة كانت هناك امكانيّة لتأويل أي شيء قلته أو فعلته تأويلًا سيئًا، أوّلت أنت هذا التأويل.
قد أخبرني صديقٌ لطيف بهذا في كل مرة طعنتني خلالها في ظهري سواءً أردت معرفة هذا أم لا. لم أرد معرفة هذا حقًا. لو أن هذه الأمور رُويت عن عدة أشخاص قاموا بها لكان من السهل تجاوز الأمر برمته، لكن المصدر قد كان واحدًا فقط. الآن أدرك أن هذه الأشياء نمت من تعاسةٍ فيك، ولوقتٍ طويل كنت قادرًا على تفهّم هذا والابقاء على شيءٍ من المودة. إنما وجدت أنني لم أعد أثق بك مطلقًا، ومنذ أن أدركت هذا لم أعد قادرًا على البقاء إلى جانبك. بدا واضحًا أن أي شيء قلته أو فعلته في حضورك أو كتبته لك سيُحوّر بخبث ويُردّد، ثم يُردّد هذا الترديد علي، وهذا الأمر مؤذٍ جدًا. حاولت أن أتجنّب، أن أتلاشى من صورتك وحسب، لكن هذا لم ينجح أيضًا.وددت أن أكون صديقًا لك، جورج، لكنني لا أستطيع ما دام علي أن أرتدي أمامك درعًا طيلة الوقت. أطلب من الرب أن تجد تعاستك مُتنفّسًا آخرًا. لكنني لا أستطيع أن أعتبرك صديقًا حينما ينتج عن كل تواصل معك شيء جارح عمدًا. قد كان هذا أشد الأوقات صعوبة في حياتي.كنت بحاجةٍ إلى الثقة والمساعدة وحسن الظن، لأنني حاولت التغلّب على النظام الذي يدمّر كل كاتب، لكن قد جاءتني منك الجروح والركلات في الوجه وحسب. هذا هو السبب، وأعتقد أنك قد عرفت دائمًا أن هذا هو السبب.جون.والآن إذا أردت الشجار، سيكون على الأقل شجارًا نزيهًا لا وخزات الخدور.
المصدر: هنا –اختصرت
المقدمّة التي كتبتها ماريا بوبوفا قبل عرض الرسالة-.