الخميس، 3 سبتمبر 2020

مقتطف من رسائل توفه يانسون.

ترجمت هذه المقتطفات من رسائل توفه يانسون، المختارات الإنجليزيّة المنشورة عام ٢٠١٤ عن University of Minnesota Press


«شكرًا لرسالتك. لقد أشعرتني بالسعادة والخفّة. كأنّك قد أخذتني بين ذراعيك. ... أتساءل إذا ما كنت تظن أن زواجنا فكرة سديدة. لن يغيّر زواجنا من حياتنا شيئًا. لا أظن أنه سيغيّر، لكن إن لم ترغب الزواج، بوسعنا الحديث عن شيء آخر حين تعود. ثمة العديد لنتحدث عنه، أليس كذلك.


... عد إلى الوطن؛ فخلال بضع أسابيع ستطول النهارات مجددًا. ولترى أيضًا إنسان مولع بك، يدعى أنا.»


من توفه يانسون إلى حبيبها أتوس في نهاية عام ١٩٤٧.

————————


بعدها أرسلت توفه إلى صديقتها إيفا كونيكوف تخبرها بعرضها:


«لقد قمت بأمر (وككل شيء غيره) لا أدري أهو تصرف شجاع أم العكس، جبن خالص. كتبت لأتوس وسألته إن كان يرى زواجنا من بعضنا فكرة سديدة. إن لم تستهوه الفكرة، فبوسعنا الحديث عن أمورٍ أخرى ببساطة حين يعود للوطن. ... حين أرسلتها، حدث أمر جيّد. المحادثة التي دارت في رأسي طيلة الوقت منذ بواكر الربيع مع فيفيكا [حبيبتها السابقة] قد توقّفت. ذاك الاجترار المريع لكل ما قلناه، وما أمكن أن نقوله، وما وجب أن نقوله، وما لم نقله. ما كتمته ولكته، ليلًا ونهارًا. ... أظنني آمل أن يرغب أتوس الزواج منّي. بمقدرونا البقاء في بيتين منفصلين كما نحن الآن، دون أن نغيّر في حياتنا شيئًا على الإطلاق. ... لكنني سأشعر على الأرجح بأنني أهدأ وأقدر على العمل. سأكف عن التوق لأكون في ضفة السّين اليسرى[جنوب باريس، إشارة لمكان فيفيكا]


ثم أرسلت لها بعد أن تلقّت رد أتوس هذه الرسالة مطلع عام ١٩٤٨:


«تسرّني القدرة على إخباركِ بأنني وأتوس سنتزوج خلال هذا الربيع. لقد أجاب عرضي الزواج عليه بطريقته. «توفه، أصحيح أننا لسنا متزوّجان حتى الآن؟ ظننتنا زوجان، لا بد أننا نسينا الزواج بشكلٍ ما. لكنه اجراء شكلي فحسب، بالطبع. لا بد أن ننجزه دون تأخير. سيبدأ الناس في التوهّم بأننا غير منسجمين.»


قهقهت على هذه الرسالة لوقت طويل وشعرت بالخفة والسرور على نحو فاجأني. بات كل شيء في منتهى البساطة بغتة، ولم يعد ثمة داعٍ للتفكير الذي يغمّ.

كنت أتساءل في رسالة سابقة إذا ما كنت فريدة الشجاعة أو فريدة الجبن. واثقة من أنني الأخيرة. لو أنني مدركة تمامًا حين عرضت الزواج بأنه من أحببت حقًا، فسيكون الأمر في منتهى الشجاعة. لكنني لم أعرف حينها، أردت أن أحمي نفسي وحسب، بشكلٍ ما. لكن هذا لا يهم. حدث ما حدث ليكون الصواب. لا بد من أنه الصواب، إذ أسعدني كثيرًا وما زلت. لا يجدر بي أن أخبر أحدًا حتى نتزوّج فعليًا، إن حدث هذا.

كما يقول، الزواج مجرّد شكليّات، إلا أن له دلالة رمزيّة بالنسبة لي تفوق ما يتخيّل.»

————————

جهّزت توفه -دون مشاركة أتوس- لزفافها الذي لم يحن قط، ثم تفهّمت أتوس الذي أخبرها لاحقًا أن لا مكان لغير نفسه في حياته، لا عواطف ولا أفراد، فانسحبت من حياته ومن عاطفتها تجاهه وأبقت نفسها على مسافة صداقة منه وهي التي قالت، معه وعنه وحده من بين الذين أحبتهم:

«حتّى الآن كنت بمفردي، أولي عناية كبيرة بحدود تضمن لي السلامة مع الآخرين. لكنني لم أعد أهتم بهذه الحدود. وحده الذي أريده وسأريده دائمًا دون سواه. ... لطالما بدت لي فكرة علاقات غراميّة محتملة قادمة معقولة، ... غير أن أمنيتي المتّقدة الآن ألّا أحظى بعلاقة غراميّة عداه.» 



بعد ثلاث سنوات حاول أتوس أن يستعيد توفه بطرق مسألة الزواج، إلا أنها حينها كانت قد كفّت عن الرغبة به، وعن الرغبة بالزواج إطلاقًا.