الاثنين، 18 يونيو 2012

شبابيك -مجموعة قصصيّة- / يزن الحاج

" وعليك ما عليك، أن تُدافع عن حقّ النّافذة في النظر إلى العابرين " – محمود درويش
هذه الافتتاحيّة للمجموعة تنبئ بعشبٍ قادم –كنت قد هممت بقراءة المجموعة أربع مراتٍ لم تكتمل، في كل مرة أتوقّف عند هديل قلب ولا أكمل، لأنني أجدني فيها في كل مرة أنفصل عن الفكرة لاعتقادي بإسهابٍ في الوصف والتفاصيل ربما في افتتاحيّة النّص، لا أُعيب هذا على القّاص ولكنني لم أعتد على نصوص كهذه لأنني غالبًا ما أنفكّ منها سريعًا، دون قدرة على الإمساك الجيّد بالنّص والفكرة-
بعد هديل القلب يبدأ العقد المُدهِش من القصص، تنوّع أفكار القاصّ ودقّتها وعمقها لا تُفلتك منها بسهولة، حين تجاوزت هديل القلب أنهيت المجموعة في ليلةٍ واحدة وعاودت قراءتها مرة أخرى فضلًا عن قراءتي السابقة المُتفرقة لبعض قصص المجموعة. مصائر النمل، لعبةُ اغتراب، شَرْخ –التي تُخلّف شرخًا فعليًا بسبب ما آلت إليه أمور الشّام العريقة-، بقايا بوح، لوحة عتيقة، بالأحمر، أسود .. بنّي، كجمرةٍ في الكف، تثاؤب، شهيد، رايات، عصفوريّة، تهجين –والتي بدت لي لوهلة ملائمة لقدسيّة العراقة السعوديّة بشكلٍ لا أفهمه-، وبَطُلَ العجب، ارتباك، شوقٌ بحجم الاغتراب. لا أحصر براعة دهشة المجموعة –وتصويرها فائق الدّقة لتفاصيل موجعة- في هذه النصوص، لكنها أشدها إحتواءً على ما ذكرت، من وجهة نظري طبعًا.
تتضمّن المجموعة خمسة فصول –شبابيك- هي كالتّالي:
-       شُبّاك الشّجن: تُطل منه الهموم اليوميّة الخارجة عن إرادة الإنسان –أو المفروضة على الإنسان مسلوب الإرادة والقدرة-، الوطن بهمومه الكبيرة، يطل منها الطفل الفلسطيني المخذول الدائم وجدار السوء.
-       دندنة: الصّبايا في الحياة.
-       شبّاك الخواء : الوحدة والاغتراب وبساطة لأحلام مؤجلة.
-       جملة اعتراضية: الخذلان وشيء من سوء الحظ. المجتمع بأكمل حالاته طبيعيّة وروتينيّة.
-       شبّاك الغياب : غياب.
لا أدري هل سبّبت إساءة إذ تحدّثت ببساطتي عن هذه المجموعة، لكنني لم أبيّت نيّة لهذا إطلاقًا. لدي تعليق لأمر شدّني كثيرًا، هو بالتأكيد ليس مُستغرب على القاصّ بحسب معرفتي بأمانته لكنها في هذه المجموعة فاقت كل ما توقّعته. كل جملة حتى بعد التصرف فيها يذكر مصدرها، بجانب ما ستحصده من أفكار النصوص سيحصل أن تحصل على فوائد لغويّة، ودرسًا عميقًا ومُبهرًا في الأمانة قل من يُجسِّده بهذا الشّكل. أُحيّيه على المجموعة وبشكل أكبر على الأمانة التي جسّدها والنُضج الأدبي واللغوي الذي حوته المجموعة.
الإنسان بكل اختلاجاته وشؤونه هو أساس هذه المجموعة التي أُفكر بقراءةٍ ثالثة لها -بإذن الله- حين أجد وقتًا جافًا أحتاج فيه لقراءة تُطبطب على الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق